للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضابط أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن يحيى بن مُفرِّج القُرطُبيّ ما نصه: ذكْرُ المُبتذِر اليمانيّ، على لفظِ اسم الفاعل منَ ابتَذَر ... " (١).

كما اعتمَد على معرفته بالخطوط للتمييز بين المترجَمينَ الذين تتشابه أسماؤهم وتتماثل شيوخهم وسماعاتهم أحيانًا؛ قال في ترجمة علي بن إدريس الزناتي: "قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: سيأتي لي ذكْرُ عليّ بن محمد بن عليّ بن إدريسَ بسماعِه من لفظ أبي محمد "تلقين الوليد" من تصنيفه وسَماع المَلّاحي وغيره عليه إيّاه، وأظُنُّه هذا الذي ذكَرَه ابنُ الأبّار لولا وصفُه بجَوْدة الخطّ والذي وعَدْنا بذكرِه ضعيفُ الخطّ، إلا أن يكونَ اختلافُ الخط بين الضَّعف والجَوْدة في حالي البدأة والانتهاء؛ ولولا أنّ المذكورَ عند ابن الأبّار زَناتيّ والذي سأذكُرهُ إن شاء اللهُ عَبْدَري، اللهمّ إلا أن يكونَ عَبْدريًّا بالولاء، ويكونَ المذكورُ عند ابن الأبّار قد نُسِب إلى جَدِّ أبيه، واللهُ أعلم" (٢).

وهو يَروي لنا في بعض التراجم معلوماتٍ طريفةً تصوِّرُ حركةَ النَّسخ وتمثِّلُ ما عُرف به الأندلسيّونَ من دَأْب وصبر ومثابرة على انتساخ الكُتُب الجديدة في المشرق وجَلْبها إلى الأندلس، ومن أقوى الأمثلة دلالةً على ذلك: قصّةُ الرفيقَيْن أحمدَ ابن رأس غَنَمة ومحمد بن أحمدَ الكِنَانيّ وهما إشبيليّانِ رَحَلا إلى المشرق وأدَّيا فريضةَ الحجّ ولقِيَا الشّيوخ "وقَفَلا إلى الأندلس واستَصْحبَا فوائدَ جمّة وغرائبَ كُتُب لا عهدَ لأهل الأندلس بها، انتسخاها هناك، وتوافَقا على أن يَنسَخَ ويُقابل أحدُهما غيرَ ما ينسَخُه رفيقُه أو يُقابلُه، استعجالًا لتحصيل الفائدة، حتى إذا ألقيا عصا التّسيار بمقرِّهما إشبيلِيَة انتسَخ كلُّ واحد منهما من قِبَل صاحبِه ما فاته نَسْخُه بتلك البلاد، فكان ممّا جَلَباه: "الكشّافُ عن حقائق التنزيل" صنْعةَ جار الله العلامة الأوحد أبي القاسم محمود بن عُمر بن محمد


(١) الذيل والتكملة ٨/الترجمة ١٧٢.
(٢) المصدر نفسه ٥/الترجمة ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>