للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من كان مقتصرًا في نَسْخه على المؤلَّفات الصّغيرة الحَجْم، مثل: أبي عَمْرو ابن سالم المالَقيّ، جاء في ترجمته: "كتَبَ الكثيرَ وجمَعَ، وكان مولَعًا بانتساخ الكُتُب الصّغار والكراريس، وقفتُ على كثير منها بخطّه في فنونٍ من العلم" (١).

ومنهم من كان معنيًّا بنَسْخ كُتُب "التعاليم" كالفلسفة والطبّ والرياضيّات، وقد ذكَرَ من هؤلاء محمدَ بن مرطير الذي كان فيما يقولُ "من أبرع أهل عصره خطًّا وأتقنهم لِما يتولّاه من انتساخ الكُتُب التعاليميّة وإحكام تشكيلها، لا يتقدّمُه في إتقان ذلك أحدٌ، معَ الصّحة الموثوق بها في ذلك الشأن حتى صارت كتبه حُجّةً عند أرباب ذلك الفنّ يرجِعونَ إليها ويعوِّلون عليها" (٢)، وكذلك ابنُ قوشتره الذي كان "ماهرًا في التعاليم، وكتبه التي يتولّى منها انتساخَها بيده من أجلِّ ما يعتمدُه أهلُ ذلك الفنّ على إفراطِ رداءة خطّه" (٣).

أمّا وَصْفُ الخطوط وأصحابِها فلا تكاد تخلو منه ترجمةٌ من تراجم الكتاب؛ إذ كان الخَطّ حِلية من حُليّ أهل العلم وأداةً من أدواتهم، ولابن عبد الملك -كما لغيره- عباراتٌ وصيَغ في وَصْف خطوط المترجَمين عنده، ومن هذه العبارات والصيغ التي تتكرَّرُ عندَه: "وكان أنيقَ الوِراقة بديعَها- وكان بارعَ الخطّ رائقَ الوِراقة -وكان نبيلَ الخطّ- وكان جيّد الخطّ- وكتَب بخطّه الكثيرَ وأتقَنَه- وكتَب بخطّه على ضعفِه -وكتَب بخطّه كثيرًا وجوَّده على شدّة إدماجِه- رديءُ الخطّ- كتَب بخطّه الرديء"، وقد تطولُ هذه الفِقرة لو استقصيْتُ جميعَ الإشارات الواردة في الأسفار الموجودة من "الذّيل والتكملة"، وهي في عمومها تقدِّم مادّة طيّبة لمن يريدُ أن يتوسّعَ في هذا الموضوع.

* * *


(١) الذيل والتكملة ٤/الترجمة ٥.
(٢) المصدر نفسه ٦/الترجمة ٢١.
(٣) المصدر نفسه ٤/الترجمة ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>