للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخ عشرينَ ورقةً من الورق الكبير وسُطورُ كلِّ صفح منها سبعةٌ وعشرون سطرًا في كلّ يوم ... ورأيتُ له من ذلك ما يُقضى منه العجب، وكان أبدًا يَكتُب عن الولاة ويقعُد في دُكّانه لعَقْد الشّروط وَيكتُب أزِمّةَ المَجابي السُّلطانية، وهو معَ هذا كلِّه لا يفتُر عن النَّسخ فقلَّ كتابٌ مستعمَلٌ مشهور إلا نَسَخَه، ولقد رأيتُ له ممّا نسَخ معَ اشتغاله بما ذكرتُه أزَيدَ من مئة مجلّد في مدة ليست بالمديدة" (١).

ومنهم من تخصص في نَسْخ المصاحف، كعائلة ابن غَطّوس؛ قال في ترجمة أبي عبد الله ابن غَطّوس البَلَنْسيّ: "وكان منقطعًا إلى كتابة المصاحف متقدمًا في براعة خطها إمامًا في جَوْدة ضبطها، على غَفْلة كانت فيه، وممّا شاع أنه نَسَخَ من كتاب الله عزّ وجل ألفَ نسخة، وأنّ ذلك عن قَسَم أنْ لا يخُطَّ حرفًا من غيره تقرُّبًا إلى الله وتنزيهًا لتنزيله أن يخلِطَه بسواه، فسُعِد بالإعانة على بِرِّ هذا القَسَم ودأب على هذا العمل المبرور عمُرَه، وتنافس الناسُ على طبقاتهم، الملوكُ فمَن دونَهم، فيما يوجدُ من خطّه، وخَلَف في ذلك أباه وأخاه، وكانوا كلُّهم آيةً من آيات الله في إتقان هذه الصَّنعة المباركة" (٢)، وتوجدُ بعضُ هذه المصاحف في بعض المكتبات.

ومن الناسخينَ الذين تخصَّصوا في نَسْخ المصحف -فيما ذكَرَ-: سعيدُ بن مغرال الذي "كان يُجيدُ كَتْب المصاحف" (٣)، وسليمانُ بن إبراهيمَ الذي "كان يَكتُب المصاحفَ ويُجيدُها" (٤). وتُعتبر المعلوماتُ التي انفرد بها ابنُ عبد الملك في هذا الباب مكمِّلة لِما ورَدَ في مصادرَ أخرى حول حركة النّسخ والوِراقة في الأندلس والمغرب.


(١) الذيل والتكملة ٨/الترجمة ٢٣٤.
(٢) المصدر نفسه ٦/الترجمة ٨١٢.
(٣) المصدر نفسه ٤/الترجمة ٥٠.
(٤) المصدر نفسه ٤/الترجمة ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>