للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا لَلْجزيرةِ أضحَى أهلُها جَزَرًا ... للحادثاتِ (١) وأمسى جَدُّها تَعِسا

في كلِّ شارقةٍ إتمامُ (٢) بائقةٍ ... يعودُ مأتمُها عندَ العِدا عُرُسا

تقاسَمَ الرُّومُ لا نالَتْ مَقاسمُهمْ ... إلا عقائلَها المحجوبةَ الأُنُسا

وكلِّ غاربةٍ إجحافُ نائبةٍ ... تَثني الأمانَ حِذارًا والسرورَ أسَى

وفي بَلَنْسِيَةِ منها وقُرطُبةٍ ... ما يَنسِفُ النَّفْسَ أو ما ينزِفُ النَّفَسا

مدائنٌ حلَّها الإشراك ... جَذْلانَ وارتَحلَ الإيمانُ مبتئسا

وصيَّرتْها العوادي العابثاتُ بها ... يَستوحشُ الطَّرْفُ منها ضِعفَ ما أَنِسا

فمِن دَسَاكِرَ كانت دونَها حُرُمًا ... ومن كنائسَ كانت قبلَها كُنُسا

يا لَلمساجدِ عادتْ للعِدا بِيَعًا ... وللنِّداء غَدَا أثناءَها جَرَسا

لهفي عليها إلى استرجاعِ فائتِها ... مَدارسًا للمثاني أصبحت دُرُسا

وأربُعًا غنِمتْ يُمنى (٣) الرَّبيع لها ... ما شئتَ من خِلَعِ مَوْشِيّةِ وكِسا

كانت حدائقَ للأحداقِ مونِقةً ... فصَوَّحَ النَّضرُ من أزهارِها (٤) وعسا

وحالَ ما حولهَا من منظرِ عَجَبٍ ... يَستجلسُ الرَّكبَ أو يَستركبُ الجَلِسا

سُرعانَ ما عاثَ جيشُ الكفرِ واحَرَبا ... عيثَ الدَّبا في مَغانيها التي كَبَسا

وابتزَّ بِزَّتَها لمَّا تحيَّفَها ... تحيُّفَ الأسَدِ الضّاري لِما افتَرَسا

فأين عيشٌ جنَيْناهُ بها خَضِرًا؟! ... وأين غُصنٌ (٥) جَنَيْناهُ بها سَلِسا؟!


(١) بهامش ب: "للنائبات".
(٢) في أزهار الرياض: "إلمام".
(٣) في أزهار الرياض: "أيدي".
(٤) بهامش ب: خ: "أدواحها".
(٥) بهامش ب: "عصر".

<<  <  ج: ص:  >  >>