للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سبع مئةٍ أو نحوِها من النَّصارى (١) مستنجدًا بهم وبمَن التَفَّ عليه من قبائل العرب ورئيسُ سُفيانَ منهم أبو الحَسَن جرمون، وهسكورةُ، ورئيسُ قبيلةِ بني مصطا منهم أبو عليّ عُمرُ بن وقاريط، [فقَصدَ بهم مَرّاكُش] فبرَزَ إليه ابنُ أخيه بظاهرِها، فالتقَى الجمعانِ على إيقليز: جبَل [مُطلّ على مَرّاكُش] فهُزِمَ المعتصمُ وانتُهِبت محَلّاتُه، ودخَلَ المأمونُ مَرّاكُش [....] بقِينَ من جُمادى الأولى سنةَ سبع وعشرين وست مئة، فلمّا كان [يومُ الجُمُعة] تقدَّم أمرُه إلى قارئ العَشْرِ (٢) الجارية قراءتها قبلَ صعودِ الإمام المِنبر [حسَبَ العادة] وعيَّنَ له قراءةَ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] الآيات إلى قولِه تعالى: [{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا}] إلى آخر الآية [الإسراء: ٣٣] فاستَشْعرَ الباقونَ بمَرّاكُش من رؤساءِ الدولة أنّ المأمونَ [طالبُ ثأر] أخيه العادل، فلمّا كان من الغَدِ أُحضرَ صَناديدُهم، وكانوا اثنينِ وأربعينَ رجلًا، إلى قُبّةِ جلوسِه، وهي القُبّة التي قد كان أحدَثَها الناصرُ بزاويةِ الرّحبةِ الكُبرى، وأحا مُفتَتَحَيْها يقابلُ الشَّمال والآخرُ يُقابلَ الغرب، وقد عَمَرَ الرَّحبةَ بنحوِ ألفَيْ فارس كاملي شِكّة الحَرب، ونحوِ ألفِ راجل من الجاري عليهم اسمُ عَبِيد الدار بحرابِهم، ولّما استقَرَّ به المجلسُ أمرَ القارئَ بقراءةِ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: ١٠١] الآيات إلى آخِر السورة، ولمّا انتهى القارئُ إلى قولِه تعالى: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠٣] نكَثَ المأمونُ في الأرضِ


(١) في البيان المغرب ٤/ ٢٦٥: أن المأمون وصل من الأندلس بنحو خمس مئة فارس من الروم، وفي الأنيس المطرب (٢٥١): أن العدد كان يتألف من اثني عشر ألف فارس من النصارى.
(٢) انظر في قراءة العشر يوم الجمعة البيان المغرب ٣/ ٣٩١ وهي عبارة عن قراءة القارئ عشر آيات من القرآن الكريم فيها مناسبة قبل صعود الإمام المنبر لخطبة الجمعة وقد ذكر ابن عبد الملك في ترجمة غصن بن إبراهيم القيسي الواداشي المتوفى بمراكش أنه كان "حسن الصوت استعمله الملوك في قراءة الأعشار أيام الجمع" الذيل والتكملة (الترجمة ٩٩٦) ويبدو أن هذا الترتيب من تراتيب الموحدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>