للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلُ الحَرابةِ والفسادِ من الوَرى ... يُعزَوْنَ بالتشبيهِ للذكّارِ (١)

[ففسادُه فيه الصّلاحُ لغيرِهِ ... بالقطع والتعليقِ في الأشجارِ

فرؤوسُهم ذكرى إذا ما أُبصِرَتْ ... فوقَ الجذوع وفي ذُرى الأسوارِ

وكذا القِصَاصُ حياةُ أربابِ النُّهى ... والعدلُ مألوفٌ بكلِّ جِوارِ

لو أنّ عفوَ الله عمَّ عبادَهُ ... ما كان أكثرُهم منَ أهل النار] (٢)

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد تغَلغَلَ بنا القولُ حتى خرَجْنا عن [شرطِ هذا] الكتاب أو كِدنا نَخرُجُ عنه، ولكنّها فوائدُ تعلَّقُ بعضُها بحُجَزِ بعض فأورَدْناها هنا؛ لأنّها قَلَّ أن توجَدَ مجموعةً في مكان، فلْنرجِع إلى ذكْرِ أبي الحَسَن فنقول:

لمّا دخَلَ المأمونُ مَرّاكُشَ على الوجهِ الشَّنيع الذي دخَلَها عليه، فصَلَ المعتصمُ من ظاهرِها في فَلِّ أصحابِه وشيعتِه، وكان منهم أبو الحَسَن ابنُ القَطّان متولِّيًا القضاءَ بينَ حِزبِه، فانتُهِبت دارُه وذهب كلُّ ما كان فيها من مال وكُتُب، وكانت سبعةَ عشَرَ حِملًا، منها حملانِ بخطِّه، ولم يزَلْ مع مغرورِه المعتصِم في حركاتِه واضطرابِ أمرِه معَ المأمونِ عمّه إلى أنْ لجَأ المعتصمُ أمامَ عمِّه إلى سِجِلْماسة، فأدركَتْ أبا الحَسَن بها منيّتُه مبطونًا حَسِيرًا على ما فقَدَ من أهلِه وبيتِه وكُتُبِه وسائرِ مُمتلكاتِه، وكانت وفاتُه بين العشاءَيْن من اللّيلة التي أهلَّ فيها هلالُ شهرِ ربيع الأوّل من سنة ثمانٍ وعشرينَ وست مئة، ودُفن بالرُّكنِ الواصِل بين الصَّفْحَيْنِ: الشَّماليِّ والغربيِّ من الزَّنْقة لِصقَ الجامع الأعظم بسِجِلماسةَ، وقبرُه هنالك معروفٌ إلى الآن، ومَوْلدُه بفاسَ فجرَ يوم عيدِ الأضحى من سنة اثنتينِ وستينَ وخمس مئة.


(١) الذكار: الذكور من ثمار النخل والتين التي تقطع وتعلق في أشجارها للتلقيح وهي من الفصيح المستعمل في المغرب.
(٢) ما بين معقوفتين ساقط في الأصل ومحله بياض، والتكملة من الأنيس المطرب وغيره. وانظر بعض شعر المأمون في الوافي بالوفيات ٨/ ٣٢٠ - ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>