للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كتابُ الله يَهدي الوَرى ... لكلِّ عِلْم نورُه الساطعُ

معرفةُ الله وآياتهِ ... ومَنْهجِ الرُّسْل [فما الرابعُ]

والعلمُ والحكمةُ في طيِّهِ ... أجمَعَ وهْو المُعجِزُ الصادعُ

وهو من الله فما فوقَهُ ... هادٍ إلى الله ولا شافعُ

جعَلَه اللهُ فينا شافعًا، وعنّا دافعًا، ولنا هاديًا نافعًا، ولدرجتِنا بالإيمانِ به وبما تضمَّنَه رافعًا، وآتانا فيه فهمًا، وبآياتِه علمًا، وجعَلَنا ممّن انجَلى بنورِه عن قلبِه رَيْنُه، ورأى أنه شَرَفُه وزَيْنُه، واستغنَى به ولم تمتدَّ عينُه، بمنِّه وكرَمِه.

وصُرِف أبو محمد بنُ محمد بن عيسى التادلَيُّ (١) عن قضاءِ فاسَ فكتَبَ إليه أبو حَفْص يهئئُه بانعزالِه عن خُطّةِ القضاء وَيشْكو تنشُّبَ نفسِه فيها: وَصَلَ إلينا فلان فاستقبَلْنا منه أثَرَ لقائكم، ومشاهدةَ علائكم، يَنشُرُ بِشرًا، ويَعبَقُ نشرًا، فحدَّثني بارقُهُ عن ذلك الغَمام الصيِّب، وذكَّرني بها أبي الطيِّب [من الطويل]:

وألقَى الفمَ الضَّحّاكَ أعلمُ أنهُ ... قريبٌ بذي الكفِّ المُفدَّاةِ عهدُه (٢)


(١) ترجمته في التكملة (٢٢٠٦)، وجذوة الاقتباس رقم (١١٤)، ونيل الابتهاج (١٣٧)، ودرة الحجال (٩٥٤) وفيها غلط في التاريخ. وكان أبوه مشاورًا بفاس أيام المرابطين وولي هو القضاء في بسطة وفاس سنة ٥٧٩ هـ عزل وغرب إلى مكناسة لعدله حيث توفي سنة ٥٩٧ هـ وفي أعلام مالقة (ص ١٧٩) أن التادلي وولد القاضي عياض "كان قد أصابهما بعض اعتقال فباتا ليلة وصنع كل واحد منهما بيتين توافقا في معناهما، فأنشد التادلي لنفسه:
اصبر إذا ما أردت أمرًا ... فالصبر مفتاح منجح
والهم ليل وكل ليل ... لابد أن ينجلي بصبح
وأنشد القاضي أبو محمد ولد عياض لنفسه:
من حيث يغلق باب أمر يفتح ... والله أعلم بالذي هو أنجح
لا تيأسن من الظلام لليلة ... طالت عليك فكل ليل يصبح"
(٢) من قصيدة المتنبي في مدح كافور التي مطلعها:
أود من الأيام ما لا توده ... وأشكو إليها بيننا وهي جنده
وقد كُتِبَ البيت في درج الكلام على أنه نثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>