واعلَمْ بأنْ سيكونُ سيفًا قاضبًا ... إن عاش لا يَنْبو إذا سيفٌ نَبَا
يَرمي فيَصمي من نَأى عن وُدِّكمْ ... عَرَفَ المَحزَّ فما أطال المَضرِبا
هذي مَخِيلةُ ذي تجارِبَ جمّةٍ ... قد يُستدَلُّ بما بَدَا عمّا اختَبَا
وكذاك إخوتُهُ فكونوا ألفةً ... فبالاجتماع تُكسِّرونَ الأصلُبا
وتُغالَبونَ فتَغلِبونَ عدوَّكم ... لو ظَنُّه الناسُ الأعزَّ الأغلبا
وتُقى الإلهِ فقدِّموها عُدّةً ... لا تُخذَلُ الإخوانُ إن خَذَلَ الشَّبا
وارضَوْا من الدّنيا بأيسرِ بُلغةٍ ... وثِقوا بما قَسَمَ الإلهُ وسبَّبا
فالحرصُ مقرونٌ به ما يُتَّقَى ... وأخو القناعةِ عاشَ عيشًا طيِّبا
قد طَلَّق الدُّنيا بأرفعِ همّةٍ ... فاستَعجَلَ العيشَ الهَنِيَّ الأعذَبا
ولَكمْ رأينا الفاتنينَ بجاهِهمْ ... وبمالِهمْ قد مُزِّقوا أيدي سَبَا
متبرِّئًا منهمْ ومن سُلطانِهمْ ... متكرِّهًا عِرفانَهمْ متجنِّبا
صَرَعى بسيفِ مُشهِّرٍ أو نكبةٍ ... صاروا حديثًا في المجالسِ معجِبا
يَبكي لهمْ مَن كان يَبكي منهمُ ... يَرثي لهمْ من أوردَوهُ المعطَبا
أشْقَوْا معارفَهمْ وعمَّمَ شُؤمَهمْ ... من كان أُبعِدَ منهمُ أو أُقرِبا
والعِلمُ كونوا يا بَنيَّ منَ اهلِهِ ... فالعلمُ أفضلُ ما أرى أن يُكسَبا
فتعلّموهُ لدينِكمْ ومَعادِكمْ ... وذَرُوا أُناسًا صيَّروهُ مَكسَبا
فلهمْ أشدُّ من اللُّصوصِ مضَرّةً ... ولهمْ ذئابٌ يأكلونَ الأَذؤُبا
ما أن رأَيْنا عالِمًا أودى طَوًى ... لا بدَّ من عيشٍ ولو رِجلُ الدَّبا (١)
(١) الدبا: الجراد، ويمكن أن تقرأ: الربى، ورِجل الربى: البقل