للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من قضاةِ العَدْل والجَزالة، جميلَ الهيئة بهيَّ المنظر تامَّ المروءة. ثم استقَرَّ أخيرًا بمَرّاكُشَ خطيبًا بجامع بني عبد المؤمن الأقدم جامع الكتبيين إلى أن توفِّي بها غَداةَ يوم الأحد لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من ربيع الأول سنةَ عشرينَ وست مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ العصر من يوم وفاتِه خارجَ بابِ تاغزوت، وشَهِدَ جنازتَه خَلْقٌ كثير، وأسِفوا لموتِه، وأثنَوْا صالحًا، وهو كانَ خاتمةَ بيتِهم النَّبيهِ، رحمه الله.

ومولدُه بتونُس -وقيل: بالمَهْديّة، وهو أصَحّ- في رجِبِ ثلاثٍ وستّينَ وخمسِ مئة.

وقَبَّح اللهُ الحسَدَ المذموم، فقد حَمَلَ أَبا عبد الله ابنَ الأبّار على ذكْرِه إيّاهُ في الأندَلُسيِّينَ تشبُّعًا لهم ببعضِ ما ذكَرْناهُ به وخَتَمَ رسْمَه بما نَصُّه: وذكْرُه في الغُرَباءِ [لا يصحُّ] ضَنانةً بعلمِه على العُدوة. وكذلك ذكَرَهُ ابنُ الزُّبَيْر في الأندَلُسيّينَ ولم يذكُرْ أين وُلد لمّا لم يعلَمْه، وخَتَمَ ذكْرَه بما نَصُّه: ومولدُه بالمَهْديّة وإنّما ذكَرْتُه في البلَديّينَ تبعًا للشّيخ وغيرِه ولتأصُّلِه الأندَلُسيّ وعراقتِه.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كان هذا مُلحقًا في حاشيةِ كتاب ابن الزُّبَير بخطِّه، وأراه إنّما ألحَقَه لمّا تعرَّفَه [من قِبَل ابن الأبّار] , وأرى أنه المَكْنيَّ عنه بغيرِه، واللهُ أعلم. ثم أنِفَ من [الاعترافِ بالوَهَم والخطإ] اللذَيْن وقَعَ فيهما بذكرِه في الأندَلُسيِّين، فاعتذَر [عن صنيعِه بهذا العُذرِ] الفاتر. وتبَعيّتُه للشّيخ مع علمِه بخطئه أقبحُ من الخطإ، [والغريبُ أنه عُنِي] بإصلاح ما وقَعَ في كتاب الشّيخ، واشتدّت عِنايتُه بذلك، ونبَّه في [خُطبةِ كتابِه] على أنه جُلُّ مقصودِه.

وأما تبعيتُه غيرَه فإنْ يكُن ابنَ الأبّار فقد ذكرتُ [ما عُرِف به] من التعصُّب المشنوءِ، ولا عبرةَ بالتأصُّل والعَراقة بالنّظرِ إلى ما تقرَّر [من] الاصطلاح في الغُرباء. واللهُ يعصِمُنا من الزَّيْغ والزَّلَل، ويحمينا من مُواقعةِ الخطإ والخَطَل، ويَهدينا إلى أقوم المسالِك في القولِ والعمل، إنه مُنعِمٌ كريم، وصَلَواتُ الله وسَلامُه على سيِّدِنا محمدٍ وعلى آلِه الطيِّبينَ الأكرمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>