وكان من بيتِ عِلم ونَباهة حافظًا للحديثِ يَستظهرُ حفظًا "صحيحَ البخاريِّ" أو مُعظمَه، ذا حظّ من الفقه، وتقَدُّم في معرفة الآدابِ وذكْرِ التواريخ واللّغات، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مجُيدًا، بارعَ الخَطّ، وَقُورًا، كثيرَ التُّؤدة، حَسَنَ السَّمت، جميلَ [الهيئة ولمّا رآه] الناصرُ من بني عبد المؤمن في وَقارِه وتَؤُدتِه [أمَرَ بإعفائه] من الخِدمة بالكتابة وترفيعِه عنها وتخييرِه [القضاءَ في أيِّ] بلادِ الأندَلُس شاء، فاختار قُرطُبة، فاستُقضِيَ بها إلى أن [خَلَفَه] أبو القاسم ابنُ بَقِيّ، واستُقضيَ بمُرْسِيَةَ سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة، كذا [وقَفْتُ عليه. وذكَرَه] أبو عبد الله ابنُ الأبّار، ولم يضبِطْه. ثم استُقضيَ بغَرْناطةَ [سنةَ سبعَ؟] عشْرةَ، ومنها كتَبَ إلى أبي العلاء ابن المنصُور جوابًا عن خطاب استدعاهُ به إلى قُرطُبةَ ليَستقضِيَه بها، فصادَفَ وصُولُ خِطابِه استصحابَ المطر وتعذُّرَ الخُفوف على أبي عبد الله بعيالِه وجُملتِه، وأدرَجَ في الجوابِ مُدرَجًا يبيِّنُ فيه عُذرَه بالمطر وفيه [من مخلع البسيط]:
شَوْقي إلى ذلك الجلالِ ... كما رَجَا البرءَ ذو اعتلالِ
وشامَ بَرْقًا حليفُ سُهدٍ ... وحام صَبٌّ على وِصالِ
وكيف لا والعلاءُ وقْفٌ ... ببابِكمْ والمقامُ عالي
لكنْ حَمَاني الرحيلَ نَوْءٌ ... بالَغَ في اللَّيِّ والمِطالِ