للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسبِقُ ميعادَهُ إلينا ... إذا نَواهُ بذْلُ النّوالِ

قُرطُبةُ منذُ حَلَّ فيها ... في خفضِ عيشٍ وأمن حالِ

قد أخَذتْ منه أيَّ عهدٍ ... بالأمنِ من حادثِ الليالي

هالاتُها حولَه استدارَتْ ... كالبدرِ في ليلةِ الكمالِ

ولمّا وقَفَ أبو العلاءِ على جوابِه والأبياتِ التي أودَعَها المُدرَج طيَّه أمَرَ أخاه أبا زَيْد، وكان أجلَّ كُتّابه، بإجابتِه عن كتابِه وعن أبياتِ المُدرَج، فقال جوابًا عن أبياتِ المُدرَج [من مخلع البسيط]:

لبَّيْكَ من مخُلصٍ مُوالِ ... مباركِ الخَيْم والخِلالِ

نادَيْتَ والملتقى بعيدٌ ... سمعًا للُقياكَ في احتفالِ

فبُحتَ شوقًا بذكرِ شَوْقٍ ... والجمرُ يَذْكو من الذُّبالِ

فارحَلْ كما تشتهي وتهوى ... عن اهتبالٍ إلى اهتبالِ

خَفِيَّ بَرٍّ شهِيَّ ذكْرِ ... خليَّ فكرٍ رخيَّ بالِ

تحت ظلالٍ بلا طلالٍ ... فوقَ دماثٍ بلا بلالِ

والأُفْقُ يَهفو له نسيمٌ ... يزِلُّ عن موطئ الزُّلالِ

وللمطايا حثيثُ سيرٍ ... كالسُّحْبِ في مِقوَدِ الشِّمالِ

تقصُرُ أيامها عليها ... فتَغنَمُ الطُّولَ في الليالي

يا مجُريًا في البيانِ طَرْفًا ... نائي المدى واسعَ المجالِ

وجهتَ قبلَ اللقاءِ طِرْسًا ... أشهى وصُولًا من الوِصالِ

حَلَّ محلَّ الرِّضا وجلّا ... بالدرِّ من سحرِه الحلالِ

واستوقَفَ الطَّرفَ إذ تَبَدَّى ... في الزَّهرِ والزُّهرِ واللآلي

<<  <  ج: ص:  >  >>