للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو المعالي هذا خُراسانيٌّ، يلقَّبُ شمسَ الدّين، وَرَدَ المغرِبَ والناصرُ من بني عبد المؤمن بإفريقيّةَ، ودخَلَ تونُسَ وهي أقصَى أثرِه من بلادِ المغرِب، ومنها كَرَّ قافلًا إلى بلادِه بعدَما حَظِيَ عندَ الناصر وأجْزَلَ صِلتَه، وهنالك رَوى عنه أبو العبّاس بن إسحاقَ، وأبو محمدٍ عبد الله بن عبد الجليل بن عليّ بن عبد الجليل الأَزْديُّ القَرَويُّ الحافظُ، وأبو زَيْدٍ الفازَازيُّ، وامتَدَحَه بقصيدةٍ فريدة رأينا إثباتَها هنا تكميلًا للإفادة، وتنبيهًا على ما لأهلِ المغرِب في الفَضْل من الحُسنى والزيادة [من الكامل]:

[قَرُبوا وفَرْطُ دُنوِّهم] يُغْريني ... ونأَوْا وفَرْطُ صبابتي يدعوني

.... منّي لُقًى ... في رَبْعِهم أشجِيهِ أو يَشجيني

[وتقول لي الأطلالُ]: أين أحبّتي؟ ... وتقولُ لي الأطلالُ: أين قَطِيني؟

... على إيثارِهمْ آثارهمْ ... لو أنّني عاملتُ من يَجْزِيني

... على تَرْكِ البكاءِ وإنّما ... نَزَفتْ شؤونُ الحبِّ ماءَ شؤوني

[نَعَبَ الغُرابُ] وللمَشُوقِ كهانةٌ ... فعلِمتُ قطعًا أنه يَعْنيني

[لمّا] استقَلّوا واستَقلّوا خِدْرَهمْ ... نُسِخت منايَ لديهِمُ بمَنُونِ

فسبقتُهمْ وجِمالُهمْ يُحدِي بها ... وجَمالُهم من فوقِها يَحْدوني

يا مُعرِضينَ وقد عرَضتُ مشيِّعًا ... رُدُّوا السلامَ فلفظةٌ تكفيني

هاكمْ فؤادي فاقبَلوه وإنهُ ... ثمنٌ يجِلُّ لديَّ عن مثمونِ

فنَضَوْا سُجوفَ الخَزِّ عن أحداجِهمْ ... فبَدَت ليَ الأقمارُ فوقَ غصونِ

وفهمتُ سرَّ الحُسن وهْو مُكتَّمٌ ... في ليلِ شَعْر فوقَ صُبح جَبِينِ

ورهَنْتُ لُبِّي والحياةُ بوقْفَةٍ ... ضَنُّوا بها من بَعْدِ قَبْض رُهونِ

وتسَلَّموا رَهْني وما إنْ سَلّموا ... تيهًا فبُؤتُ بصفقةِ المغبونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>