للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو من بعضِ أنظارِها، سَكَنَ بأخَرةٍ مَرّاكُشَ، أبو عَمْرو، ابن خَبّازة، نسبةً إلى خالِه الشاعر الشهير بابن خَبّازة (١) لمُلازمتِه إياه.

رَوى بفاسَ عن أبي محمدٍ عبد العزيز بن عليّ بن زَيْدان (٢)، وقَدِمَ الأندَلُسَ قديمًا، فروَى بها عن أبي الحَجّاج ابن الشّيخ، وأبي محمد بن الحَسَن ابن القُرطُبيّ، ثم قَدِمَها بعدُ غير مرّة بعدَ العشرينَ وست مئة وقبلَها. رَوى عنه أبوا عبد الله: ابن أحمدَ الرُّنْديُّ وابنُ عبد المُنعم اللَّوَاتيُّ، وأبو عِمرانَ بنُ أبي الحَسَن، وأبو القاسم بن عِمران.

وكان أديبًا شاعرًا مُفلِقًا من أكبرِ أعاجيبِ الدّهر في سُرعة البديهة، ناظمًا أو ناثرًا، معَ الإجادة التي لا يُجارَى فيها، والتفنُّن في أساليبِ الكلام معرَبِه وهَزْلِه، على اختلافِ طرائقِ الناس بحسَبِ بلادِهم المتنازحة، جيِّد الخَطّ، قويَّ الأعضاء، معتدِلَ التركيب، متمكّنَ الصّحة، جَهْوريَّ الصّوت، وافرَ المُنّة وهو قد جاوَزَ السّبعينَ (٣)، ذا مشاركةٍ حسَنة في عِلم الكلام وأصُول الفقه، تطوَّر كثيرًا وتنسَّك وتصَوَّف وقتًا، ووَعَظَ وتُلقّي وعظُه بالقَبُول، وعارَضَ ابنَ الجَوْزيّ في بعض فصُولِه فأجاد.


(١) لا نعرف من هو هذا الشاعر بالضبط، وقد أشار ابن الأبار في تحفة القادم إلى شاعر هجاء يدعى ميمون بن علي، وهذا اسم مترجمنا وإن لم يصلنا من هجائه إلا بيتان في هجاء مهدي الموحدين، وثمة ترجمة في صلة الصلة (٤/الترجمة ٣٢٤) لعلم يعرف بابن خبازة السبتي واسمه علي بن محمد بن عبد الله الحضرمي وتوفي في نحو العشر وست مئة، ولكن ترجمته لا تدل على أنه كان شاعرًا.
(٢) ترجمته في التكملة (٢٤٨٧)، وأشار الشاعر في إجازته لبعضهم إلى شيوخ آخرين أخذ عنهم بفاس وسمى جده للأم علي بن مهدي القيسي وأبا الحسن بن حرزهم واين دوناس، كما ذكر أنه قرأ بسبتة على ابن عبيد الله الحجري وأبي الصبر أيوب. وكأن المؤلف لم يقف على هذه الإجازة؛ إذ أنه يميل إلى الاستقصاء في سرد الشيوخ إلا إذا كان غير متحقق من أخذه عنهم.
(٣) في طرة الأصل: لعله التسعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>