من يَستلِذُّ ثناءَ المادِحينَ لهُ ... منّا كما يَستلِذُّ العاشقُ الغَزَلا
من يُذعِرُ الأُسْدَ والهيجاءُ قد جعَلتْ ... لها الصَّوارمَ والعَسّالةَ الذُّبُلا
في بعضِه بعضُ وصفِ البيض إن نَظَرتْ ... خِلتَ المضاربَ منها الأعيُنَ النُّجُلا
وكلُّ حدٍّ كخدٍّ فهيَ إن دُعِيَتْ ... بيضًا ستحمَرُّ في الهيجاءِ لا خَجَلا
بيضٌ تُعانقُ عشّاقَ الحروبِ هوًى ... والوصلُ منها صدودٌ يُنفِذُ الأجَلا
هي السيوفُ فإن فاضَتْ جداولُها ... سقَتْ قلوبَ العدا ماءً الرَّدى نَهَلا
يَا ناظمَ الحمدِ بالأموالِ يُكثِرُها ... لقد وصَلتَ من العلياءِ ما انفَصَلا
وراغبَا باجتماع الحمدِ يُكسِبُهُ ... وزاهدًا بافتراقِ المال مُتّكلا
ما زلت تشعرُ في نظم الفَخارِ كما ... ما زلتَ تُخطُبُ في نَثْر اللُّهى عَمَلا
تُبِينُ بالفعل معنى المجدِ تُظهرُهُ ... والفعلُ أصدقُ مدلولٍ لمن عَقَلا
تُرى أُعِيدَ بها المنصورُ سيِّدُنا ... فالتاجُ ثاقبُ ذاك النجم إذْ أَفَلا
أحيَيْتَ قُطْرًا فقطرًا أرضَ أندَلُسِ ... كأنّك القَطْرُ يُحيي حيثُما نَزَلا
يَا عاضدَ الأمرِ في سرٍّ وفي علنٍ ... حتى استقَلَّ سُموًّا بالهدى وعَلا
وباذلَ النفْس والأموالِ مُبتغيًا ... إظهارَ دينِ الهدى في كلِّ ما بَذَلا
أشبَهْتَ في فعلِك الصِّدِّيقَ حين دعَا ... خيرُ البرّية لبَّى الأمرَ وامتَثَلا
إنفاقُ مالِك قبلَ الفتح أذكَرَنا ... من شِعْرِ حسّانَ بيتًا سُقتُهُ مثَلا:
"إذا ذكَرْتَ أخا فضل بمَنْقَبةٍ ... فاذكُرْ أخاك أبا بكرٍ بما فَعَلا"
يدعو الإمامُ لرعي الصَّدقِ فيك كما ... دعَا الرسولُ إلى الصدِّيق إذ فضلا
نبِّهْ إلى العِلم دُنيا طالما رقَدَتْ ... عنهُ وذكِّرْ زمانًا طالما غَفَلا
........................ ... وحلّ حالي بكمْ لي ألَّف العَطِلا