للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوّارةً عندما راقَتْ بدوحتِها ... أهوَتْ إلى التُّربِ من بين النواويرِ

جار الذُّبولُ عليها بعدَما مَلأَتْ ... معاطسَ الدّهر من طِيْبٍ وتعطيرِ

وسَيْفُ بأسٍ لكسر الخَطْبِ أغمَدَهُ ... صَرْفُ الحوادثِ فيها بعدَ تكسيرِ

قضَى فوافَقَ شهرَ الصّوم مُرتحِلًا ... ووافَقَ الشهرَ في فضلٍ وتطهيرِ

واختاره خاطبُ الخَطْب المُلمِّ بهِ ... للصِّهر كُفْئًا فأمضَى العَقدَ للحُورِ

فسار للحَيْنِ مسرورًا وخلَّفَنا ... للحُزْنِ فاعجَبْ لمحزونٍ بمسرورِ

نادَيْتَ أنجشةَ (١) الأحزانِ يومَ حَدَا ... أظعانَ قلبَي: "رِفْقًا بالقواريرِ"

فالوَجْدُ والدمعُ من حُزنٍ قد اقتَسَما ... قلبي وجَفْني بمنظومٍ ومنثورِ

والقلبُ بالقَيْضِ في تصعيدِ مُستعرٍ ... والجَفْنُ بالفَيْض في تصويبِ ممطورِ

وسائقُ الخَطْب يَشْدو الحاملينَ لهُ ... يَسُوقُهمْ سَوْقَ حادي العيرِ للعِيْرِ

وللملائكِ في آفاقِها زَجَلٌ ... قد شيَّعتْه بتهليلٍ وتكبيرِ

ثنَى المُصابَ على شيخ الجزيرةِ في ... عَقْدٍ وحَلٍّ وتقديمٍ وتأخيرِ

ذاق الرَّزايا على مقدارِ منصِبِهِ ... والابتلاءَ على قَدْر المقاديرِ

لم يُصمِهِ الدّهرُ في الأبناءِ من حنَقٍ ... ولا بلاهُ لترقيبٍ وتحويرِ

وإنّما بادَرَ الأعلاقَ منتقيًا ... يَصُونُها صَوْنَ تعظيم وتكبيرِ

إن كان فَرَّقَ شَمْلَ الأُنسِ عنه فكم ... أَولاهُ للأجرِ من جَمْع وتوفيرِ

يَا دهرُ حَمَّلتَهُ وقْعَ الخطوبِ، ولم ... تزَلْ تُنفِّذُ عنه كلَّ مأمورِ

فلم تجرِّبْ عليه جُبنَ ذي خَوَرٍ ... في النائباتِ ولا إحجامَ مذعورِ


(١) أنجشة: مولى للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان حاديًا له، وله قال: "رفقًا بالقوارير".

<<  <  ج: ص:  >  >>