للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أردتَ بالصَّبر عنه أن تُقيمَ لنا ... بُرهانَ تقديمِه للخَيْر والخِيْرِ

يا عامرَ التُّرْب كم خلَّفتَ من كبِدٍ ... ومن فؤادٍ بثاوي الحزنِ معمورِ

لو كنتَ تُحمى وتُفدى للعُلا ابتَدَرتْ ... آلافُها بالقَنا أو بالقناطيرِ

أُسْدٌ تُنادي بعُقبانِ الخُيولِ إلى ... تمزيقِ لَحْم الأعادي بالقناطيرِ

مشمِّرينَ إلى ورد الكريهةِ ما ... نالوا العلاءَ الذي نالوا بتقصيرِ

بَنُو الكرام أولو الراياتِ قادَ بهم ... إلى الوغَى ابنُ نُصَيْرٍ كلَّ منصورِ

ساقَتْهمُ غَيْرةُ الإيمانِ فانتَدَبوا ... لنُصرة الدِّين كالأُسْدِ المهاصيرِ

بعَزْم كلِّ معدِّيٍّ يُسايرُهُ ... فتحُ الجزيرة بين السَّرْح والكورِ

حَجُّوا أباطيلَ لذْرِيقٍ بحقِّهمُ ... فأبطلوهُ بأبطالٍ مغاويرِ

وإنّما الموتُ حُكمٌ ليس يَدخُلُه ... نَسْخٌ لخَلْقٍ وعدلٌ دونَ تجويرِ

يقضي على الأُسْدِ في الآجامِ حاكمةً ... وفي الكِنَاس على البِيض اليعافيرِ

ويقنِصُ الشُّهْبَ في شَمِّ الجبالِ كما ... في الوكْرِ يعتامُ أفراخَ العصافيرِ

أعظِمْ بآياتِه في آيةٍ عَظُمت ... فليس تُدرَكُ في حالٍ بتفسيرِ

فسلِّمِ الأمرَ فالأقدارُ قد نفَذَتْ ... وكلُّ شيءٍ بتقدير وتدبيرِ

ما فَقْرُ ذي الفقرِ عن جهلٍ ولا كسَلٍ ... ولا غِنى المرءِ عن كَيْس وتشميرِ

ولا الحِمامُ بنقصٍ في المِزاج ولا ... ضعفُ الطبيعة عن أسبابِ تدبيرِ

وكم صحيح قضَى فيها بلا مرضٍ ... وكم مريضٍ أقامته لتعميرِ

وإنّما هي أحكامٌ مقدَّرةً ... على مداها وأقسام بتقديرِ

فاسمَعْ بقلبِك فالأشياءُ ناطقةٌ ... وألسُنُ الحالِ تُغني كلَّ نحريرِ

مقدِّماتُ اللّيالي طالما فضَحَت ... نتائجُ الغَدْر منها كلَّ مغرورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>