للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمْعُ السلامةِ معدومُ الوجودِ بها ... وكم بها للرّدى من جمعِ تكسيرِ

وعاملُ الموتِ قد أحصَى مهندسُهُ ... منازلَ العُمْر عدًّا دون تكسيرِ

والأرضُ طِرْسٌ وهذا الخَلْقُ أحرفُهُ ... والحَرْفُ ما بينَ ممحوٍّ ومبشورِ

والدّهرُ يُعرِبُ بالأفعالِ يُظهِرُها ... طوْعًا ويُعجِمُ منها كلَّ مسطورِ

وإنّما الخلقُ أسماءٌ تعاوَرَها ... إعرابُه بين مرفوع ومجرورِ

وكلُّهم في مدى الأعمارِ تحسَبُهم ... كحالِها بين ممدودٍ ومقصورِ

والموتُ مثلُ عَروضيٍّ يُقطِّعُ من ... أبياتِهمْ كلَّ موزونٍ ومكسورِ

يا مَن يؤمِّلُ أن يبقى وكم نقَضَتْ ... أيدي المقاديرِ من إبرام تقديرِ

هذي الحقيقةُ لا ما حدَّثَتْكَ بهِ ... آمالُ نفْسِك عن دُنياك من زُورِ

لا تخدَعَنْك الليالي، إنّ فتنتَها ... كادت فكادت تُرينا كلَّ محذورِ

كم بكرَتْ بعُبوس الخَطْبِ من ملِكٍ ... قد باتَ بالبِشر وَضّاحَ الأساريرِ

سائلْ بكسرى مليك الفُرس هل تركَتْ ... له المنايا جناحًا غيرَ مكسورِ

وانزِلْ بصنعاءَ في قصرِ ابن ذي يَزنٍ ... تُلْمِمْ بقصرٍ على الأغيارِ منصورِ

واعبُرْ على حِيرةِ النُّعمان معتبِرًا ... تعبُرْ بأطلالِ نُعمَى ذات تعبيرِ

وأين مَن كان سِجنُ الجنِّ في يدِهِ ... والإنسُ والجِنُّ في قهرٍ وتسخيرِ؟

وأين مخترِقُ الدنيا بعَزْمتِهِ ... يَطوي البلادَ بها طيَّ الطواميرِ؟

بادوا فليس بها بادٍ يُحَسُّ بهِ ... منهمْ، وأفناهمُ رَيْبُ الدّهاريرِ

هو القضاءُ أبا بكر أُصِبْتَ بهِ ... فاصبِرْ وسلِّمْ له تسليمَ مأجورِ

واللهُ يحرُسُ عَلْياكمْ ويدفَعُ عن ... سامي مَعاليكَ أنواعَ المحاذيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>