للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجازاهُ في الإسراء عنها نبيُّنا ... وألهَمَها فوقَ السماواتِ ساريا

فلمّا انتَهى جبريلُ عندَ مقامِهِ ... بحيثُ تَلقَّى الأمرَ أنْ لا تَماديا

أشار على المختارِ أنْ سِرْ فإنهُ ... مقاميَ لا أعدوهُ ما دمتُ باقيا

[فناداه: يا جبريلُ هل لك حاجةٌ ... إلى الله فاسألها لتُعطى الأمانيا؟]

فقال له: سَلْهُ لأبسُطَ رغبةٍ ... على النارِ منّي للعُصاة جَناحيا

فدُلِّيَ في أُفْقِ المَهابةِ رَفْرَفٌ ... وزجُّ بُراقِ العزِّ في النورِ رُقِّيا

ومن أجلِهِ خصَّ الذبيحَ فداؤه ... وفي ظهرِه المختار أصبح ثاويا

فَداهُ بذِبْح عَظّم اللهُ شأنَهُ ... لأنْ كان دهرًا في الفراديسِ راعيا

وثنَّى بعبدِ الله حاملِ فضلِهِ ... فكان بذاك الفَرْع للأصل راقيا

لذلك ما قال الرسُولُ منبِّهًا ... "أنا ابنُ ذَبيحَيْها" يعُدُّ المعاليا

وعَفَّ أبوه إذْ دعَتْه لنفسِها ... فتاةٌ رأتْ نُورَ النُّبوءةِ ضاحيا

مضَى ولذاك النورِ بينَ جبينِهِ ... شُعاعُ سنًا يُعشي العيونَ الروانيا

فأعرَضَ عنها ثم سار لشأنِهِ ... وكان له الرّحمنُ بالحفظِ واقيا

وعاد وقد أدّى أمانةَ ربِّهِ ... لأُمّتِه وَعْدًا من الله ماضيا

ومَرَّ على حيِّ الفتاة فنوديَتْ ... هَلُمِّي تصادفْ لدغةُ الحبِّ راقيا

فقالت لهم: قد كان ذلك مرّةً ... لأمرٍ عصَيْنا في هواهُ النواهيا

أردتُ بأن أُعطَى سناهُ وقد قضَى ... لغيري بهِ مَن كان بالحقِّ قاضيا

وكم طالبٍ ما لا يُنالُ، وقاعدٍ ... سعادتُه تُبدي له السُّؤلَ دانيا

وكم شاهدَتْ من آيةٍ أُمّةٌ به ... يَصيرُ بها جِيدُ الديانةِ حاليا

رأتْ في معاليه مَرائيَ جَمّةً ... فصَدَّقتِ الآثارُ تلك المرائيا

<<  <  ج: ص:  >  >>