للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمَّن أحكامَ الوجودِ بأسرِها ... وعَمَّ القضايا مثبِتًا فيه نافيا

وأخبَرَ عمّا كان أو هُوَ كائنٌ ... يُرى ماضيًا أو ما يُرى بعدُ آتيا

ووافَقَ أخبارَ النبيِّينَ كلِّهمْ ... وتمَّم بالغاياتِ منها المَباديا

وما كتَبَتْ يُمناهُ قطُّ صحيفةً ... ولا ريءَ يومًا للصّحائفِ تاليا

عليه سلامُ الله لازال رائحًا ... عليه مدى الأيام منّا وغاديا

وهذه وثيقةٌ أنشَأَها في بَيْع قلبِه من ربِّه أثبتُّها عَقِبَ هذه القصائدِ الفرائد لأشفَعَ منظومَه بمنثورِه، وأشيرَ بأنّ الصادرَ عنه في الفنَّيْنِ من أفضلِ محفوظِ الكلام ومأثورِه، وهي هذه:

يقولُ العبدُ الذي اعتَرَف، بما اقتَرَف، لمَوْلاه، وأقَرَّ له بما أضاعَه، لا بما أطاعَه، على ما منَحَه من النِّعَم وأَوْلاه، المَيْمونُ بنُ عليِّ بن عبدِ الخالق الخَطّابيُّ جَبَرَ اللهُ بالتّقوى كسرَه، وفكَّ من حبائلِ الدّنيا أسرَه: لم أزَلْ مدّةَ أيام، بل عِدّةَ أعوام، أُخاللُ كلَّ مُخِلٍّ بديني، وأستظلُّ من إطالةِ البِطالة بكلِّ ظلٍّ مضلٍّ يُرديني، وأُخالفُ كلَّ صالح مُصلح، وأحالفُ كلَّ طالح غيير مُفلح، وأجُرُّ أذيالَ المجونِ على أرضِ الراحة، وأطلقُ عِنانَ مُهْرِ الغفلة في ميدانِ النّسيانِ فيطيلُ جِمَاحَه ومَراحَه، راكبًا مطايا التسويفِ دون إهمال، مستوطئًا فُرُشَ الكسَلِ والانهماكِ في الشّهَواتِ والانهمال، مستوطنًا رَبْعَ التّصابي بقلّةِ الأعمالِ وكرةِ الآمال، سالكًا سبيلَ الهَزْلِ وطريقَه، تاركًا قَبِيلَ الجِدِّ وفريقَه، لا أَثْني عِناني إلى ما يَعْنيني، ولا أزالُ أعاني ما يُعَنِّيني، ولطائفُ الله عَزَّ وجَلّ التي يَضيقُ عن حَمْدِ أصغرِها الأمكنةُ الفسيحة، ولا تُطيقُ بلوغَ شُكرِها الألسنةُ الفصيحة، صافيةُ الورود، ضافيةُ البُرود، قد طَنَّبت عليَّ قِبابَها ورُواقَها، وخَلَعت بعُنُقي ثيابَها وأطواقَها، واطّردتْ بمياه النِّعمة مَذانبُها وأنهارُها، وتساوَى في القدوم بالكرم ليلُها ونهارُها، وأنا معَ ذلك لا أزيدُ إلّا غَفْلةً عن القَصْدِ السَّنِيِّ وسهوًا، ولا أستزيدُ إلا اشتغالًا عن المقصودِ السُّنِّيِّ ولهوًا، إلى أن أجرى اللهُ عادةَ إحسانِه وجُودِه، وأرادتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>