للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين أظهُرِنا يموتونَ جوعًا، انظُرْ في أمرِهم يا فقيهُ، فخَرَجَ إلى البحر في أوحش هيئة وأُخرِج إليه زَوْرقٌ من البحر ومشَى به في البرِّ إلى قُربِه، ورُفِعَ الفقيهُ على الأكُفِّ وأُنزِلَ فيه ثم أُدخِل البحرَ وقصَدَ إلى بليونش، وبها كان أميرُ سَبْتةَ حينئذٍ، وانصَرفَ من عندِه في أقربِ وقتٍ بصلةٍ لهم من عند الأمير، وأمَرَ له بأن تُفتحَ أبوابُ الفنادق إلى الناس يَدخُلونَ إليهم ويُواسونَهم بما شاءوا.

وتوفِّي رحمه اللهُ بسَبْتةَ يومَ السبت لثمانٍ بقِينَ من شعبانِ ستٍّ مئة، وقال ابنُ الأبار: في رمضان، واحتَفلَ الناسُ لحضور جَنازته، [وكان يومُ دَفْنِه] يومًا مشهودًا لم يتَخلَّف عنه إلا القليلُ من أهل سَبْتة ...

ودُفن بالمقبُرة خارجَ بابِ الصّفاح (١)، وقَبْرُه [بها معروفٌ] مَزُور متبرَّكٌ به إلى الآن.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وإذْ قد ذَكَرَ هذا الفاضلُ المبارَكُ أبا يعزَى نفَعَ اللهُ به ورضيَ عنه، فقد أردتُ أن أُثبِتَ هنا نُبذةً من أخبارِه ولمحةً من آثارِه، فأقول: حدَّثني الشيخانِ: الكاتبُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ قراءةً عليه، والرئيسُ الأسنى أبو القاسم محمدٌ ابنُ الفقيه الفاضل أبي العبّاس إجازةً، كلاهما عن أبي العبّاس العَزَفيِّ قال: وكان ممّن رَحَلَ إلى لقائه -يعني أبا يعزَى المذكورَ- الشّيخُ الفقيه الراويةُ الزاهد أبو الحُسَين يحيى بنُ محمد الأنصاريُّ، عُرف بابن الصّائغ، فسمِعتُه يقول: صَحِبَني قومٌ في وِجهتي إليه أو: جَمَعَني وإياهم قدومُنا عليه، وكانوا قد تحدَّثوا في مرحلةٍ من المراحل إلى أنْ ذَكَروا الشّيخَ، فقال بعضُهم: هو جاهل أو: عاميٌّ أو نحوَ هذا، فكان معَهم رُوَيْجِلٌ أُسيْمِرٌ، فعاب عليهم ذلك وقال: تمشُونَ إليه الأيام وتُعمِلونَ إليه الرِّكاب ثم تقَعونَ فيه وتغتابونَه؟ قال: فلمّا بَلَغوا إليه وسَلَّموا عليه أمَرَ بإنزالِهم في بيت، وأمَرَ بحَطَب أخضَر فأوقِدَ


(١) ذكر مؤلف اختصار الأخبار "قبر الشيخ الولي الزاهد السائح في الأرض المشهور الحاج أبي الحسين ابن الصائغ الأنصاري من أهل سبتة". وقال: إنه يقع "بمقبرة الربض البراني داخل سور البحر من الموضع المعروف بمضرب الشبكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>