للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ قَسُّوم، وأبو بكرٍ ابنُ الجَدّ [وأبو حَفْص التِّلِمْسينيُّ] الشَّهيد، وأبَوا عبدِ الله: ابنُ أحمد الرُّنْديُّ وابنُ عيسى [... .] وأبو العبّاس بنُ هارون، وأبو عليّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ، [وأبو محمد حَسَنُ بن] أبي الحَسَن ابن القَطّان شيخانا.

وكان أحجَّ المَهَرةِ في عِلم الكلام [وأصُول الفقه] متحقِّقًا بالفنَّيْنِ مُشاركًا في غيرِهما من فنونِ العلم مشاركةً حسَنةً، [منقطعًا إلى] النظر، متفرِّغًا له، لم يكنْ له قطُّ أهلٌ ولا ولد، جيّدَ التعليم لمن عَلِمَ منه [الحِذْقَ] والجِدَّ في التعلُّم.

وكان يتجاوزُ الاقتصادَ في أحوالِه إلى حيِّز الإقتار على اتّساع حالِه وكثرة فوائدِهِ وغزارةِ مالِه.

دخَلَ الأندَلُس مرّتَيْن، أولاهما: صُحبةَ رِكَاب المنصور من بني عبد المؤمن عامَ أحدٍ وتسعينَ وخمس مئة (١)، وفيها عَرَفَه المنصورُ ونَبَّه عليه فقرَّبَه وأدناه وألزَمَه حضورَ مجلسِه معَ طلبةِ العلم وأحسَنَ إليه. وأُخْراهما: معَ ابنِه الناصِر عامَ سبعةٍ وست مئة (٢). ودرَّس في المرّتَيْن، وعَظُم صِيتُه عندَ أهل الأندَلُس وجَلَّ قَدْرُه وتنافَسوا في الأخْذِ عنه والازدحام بمجلسِه.

وكانت بينَه وبينَ أبي الحَسَن ابن القَطّان مُنافرةٌ شديدة ومقاطعةٌ مشهورة، وعلى ذلك فقد صَدَرَ عنه في جانبِ أبي الحَسَن ما فيه أصدقُ دِلالةٍ على حُسن دفاعِه وكرَم طِباعِه.

قُرئَ على أبي الحَسَن ابن القَطّان يومًا في مُدّة العادل وهُو على الحال المتقدِّم صفتُها في رَسْمِه (٣) حديثٌ من "أعلام النبوّة"، فتكلَّم عليه أبو الحَسَن


(١) في هذا التاريخ كان جواز المنصور إلى الأندلس الذي أسفر عن غزوة الأرك (انظر تفصيل هذا في البيان المغرب (الموحدين): ١٩٢ وما بعدها).
(٢) انظر حركة الناصر في هذه السنة في البيان المغرب ٢٣٦ (قسم الموحدين).
(٣) راجع ترجمته في هذا السفر رقم (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>