للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتَى أبو محمدٍ المَرّاكُشيُّ ببيتَيْنِ من الطويل بعيدَيْنِ عن المعنى فرَدَّه، وقلت

[من الكامل]:

وفي الاقتداءِ به أجَلُّ فضيلةٍ ... فابعَثْ به لتنالَ فَضْلَ التابعِ

والسرُّ إنّ السِّرَّ فيه محجَّبٌ ... بالطّبع عن مستشرفٍ ومُطالعِ

فلَهِجَ أبو عليّ بذلك وحَسُنَ موقعُه منه، ولم يَصلْ أبو الحَسَن بنُ إسماعيلَ للموعد عَقِبَ العصر، فطال تعجُّبُنا من ذلك وانفَضّ المجلسُ، فلمّا كان قريبُ المغرِب خَرَجَ أبو عليّ إلى مجلسِه المُطِلِّ على الساقيةِ العُظمى السُّلطانيّة المُشرِفِ على الممَرِّ الأعظم شرقيَّ الجامع، فجالستُه هنالك منفردَيْن، وكنتُ مقابلَ الممَرّ وأبو عليّ مُقبِلٌ عليّ وقد استَدْبَرَه بعضَ الاستدبار، وإذا أبو الحَسَن بنُ إسماعيلَ مُقبِلٌ، فأعلمتُ بوصُولِه أبا عليّ وقلتُ له: ما أراه إلا أتى بشيءٍ، فقَصَدَ إلى جنبِ أبي عليّ من خارج المجلس وطَرَحَ بينَ يدَيْه بطاقةً وانصَرف، فلمّا قرَأَها أبو عليّ بالَغَ في استحسانِها، وكلّما كرَّر النظرَ فيها استَجادَها، ثم دَفَعَها إليّ، فإذا فيها بعدَ الأبيات الثلاثة الأولى ما نَصُّه: وقال معظِّمُ الجَلال، ومتملّكُ الكمال مُذيِّلًا

[من الكامل]:

كرَمُ الكتابِ خِتامُهُ وكذاكَ قا ... ل مُفسِّرٌ للوحي غيرَ مُدافَعِ

في قول بِلقيسٍ: كتابٌ جاءني ... -مَلَئي- كريمٌ أيْ بخَتْم صادعِ

ويحقُّ للمُعطي صيانةُ سرِّهِ ... وَصْفُ التكرم في الكلام الشائعِ

حُكمُ الشّريعة باهرٌ أنوارُها ... لذوي العقولِ كبدرِ تَمٍّ طالعِ

وبعدَها: وقال متملّكُ الكمال الأوحَدُ، وصَلَ الله سُعودَه [من الكامل]:

ما إنْ تزالُ تُفيدُنا يا ذا العُلا ... حِكَمًا وآدابًا بحُكمٍ نافعِ

أوضحتَ للأُدباءِ نَهْجَ سبيلِهمْ ... وأبَنْتَ مَهْيَعَ كلِّ فضلٍ جامعِ

........................... ... منها تؤُمُّ إلى المدى المتشاسعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>