للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأريحيّة، [أودعتُها بَطْنَ] هذه العُجالة، وبعثتُها معَ صدرٍ من أبناءِ الرسالة، ولله درُّه من [راضع درَّ النّبوة] متواضع معَ شرفِ الأبوّة، نازعتُهُ طُرَف (١) الأشعار، وأطراف [الأخبار] , فوجدتُ بحرًا حصَاهُ الدُّرُّ النَّفيس، ورَوْضًا يُجتنى (٢) منه أطايبُ الثّمرِ الجَليس، [وُينعَتُ] بنَجْم الدِّين، وهو كنَعْتِه نَجْم يضيء سَناه، ويحُلّ بيتًا من الشّرفِ رَبُّه بناه، وقد جابَ الفضاءَ العريض، ورأى القصُورَ الحُمرَ والبِيض، ووَرَدَ الحُجون، بعدَما شربَ من جَيْحُون، وزار مشاهدَ الحرمَيْن، ثم سار في أرض الهرمَيْن، وطَوَى غيرَها لهذا الأفق مختارًا، وعبَرَ إلى الأندَلُس فأطال اعتبارًا؛ وتشوَّف (٣) إلى مطلَع الأنوارِ المُفاضة، والنِّعَم السابغةِ الفَضْفاضة، وجعَلَ قَصْدَها لحَجّةِ سَفَرِه طوافَ الإفاضةَ (٤)؛ وهمُّه أن يشاهدَ سَناها العُلْوي، وُيبصرَ ما يُحقَرُ عندَه المرئيُّ والمَرْوي، وهي غايةٌ يقولُ الآمِل (٥): عليها أطلتُ حَوْمي، وجَنّةٌ يتلو الداخلُ لها: {يَالَيْتَ قَوْمِي} (٦)، وسيّدي الأعلى هو منها بابٌ على الفتح بُني، وجَنابٌ عِنانُ الآمل إليه ثُني، وقَصَدَه من هذا الشريفِ أجلُّ قاصد، وأظلّتْه سماءُ المجدِ بجَمال المشتري وظَرْف عُطارد، ومتى نَعْتناهُ فالخبرُ ليس كالعِيان، وإن شَبّهناهُ فالتمويهُ بالشِّبْه عقوقٌ للعِقْيان، ومن [يفضَحْ] قريحتَه يقولُ لها: صِفيه، لكنْ هو يُعرِبُ (٧) عن نفسِه بما ليس في وُسْع مُنصِفيه، ويقتضي من عزيمةِ برِّه ما لا سعَةَ للمترخِّص فيه (٨)، إن شاء الله (٩).


(١) في النفح: "طرق".
(٢) في النفح: "يجني".
(٣) في النفح: "وتشوق".
(٤) لا توجد هذه الفقرة في رسائل ابن عميرة.
(٥) في النفح: "للأمل".
(٦) إشارة إلى الآية الكريمة {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: ٢٦ - ٢٧].
(٧) في النفح: "يعرف".
(٨) الإشارة إلى العزيمة والرخصة من المصطلحات الفقهية.
(٩) في نفح الطيب: "إن شاء الله تعالى". ولا توجد في رسائل ابن عميرة. وفي النفح الزيادة الآتية: "وهو يديم علاكم، ويحرس مجدكم وسناكم، بمنه، والسلام الكريم، الطيب العميم يخصكم به معظم مجدكم، المعتد بذخيرة ودكم، المحافظ على كريم عهدكم، ابن عميرة، ورحمة الله تعالى وبركاته. في الرابع والعشرين لربيع الآخر من سنة ٦٣٩. انتهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>