للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدب من ماءِ الكوثر سقَاه، وكأطيبِ الثمر تخيَّره وانتقاه، والمجدُ في بُحبوحتِه (١)، ومعَ الدّهر متقَلِّبٌ في أرجوحتِه، سَلّ [به المنازلَ والمناهل] , والمعالمَ والمَجاهل؛ والعراقَ ورافدَيْه، والحجازَ ووافدَيْه؛ [طالبُ ربح في مالِه، وباغي] ثوابٍ لمَآلِه؛ وإن شاء سيِّدي باحَثَه عن حدثانِ الدّهر، [وحديثِ ما وراء النهر] , ورَفَعَ الرّوايةَ منه إلى عَليم، وكتَبَ بقلمِه قصّةَ كلِّ إقليم، [فقد خبِرَ الخابور] , وسَبَرَ ناسَ نَيْسابُور؛ وعاينَ من خَرابِ بُخارى؛ ودارَ حيثُ [كان ملكَ دارا]؛ وطاف بمكّةَ أولِ تُربةٍ مسَّت جِلدةَ جدِّه، وحَلَّ يثربَ مأواهُ المشرَّف (٢) [بقصدِه] , ورأى القُدسَ ومَسْراه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١]؛ ولقد جاوَرَ جَيرون، [بعدَ] ما شربَ من جَيْحُون، وقطَعَ ما بين مِصرَ ونِيلِها، وغَرْناطةَ وشنيلِها؛ فترَوْنَ منه إن شاء اللهُ مَن جابَ المسالكَ والممالكَ، وتشوَّف إلى ما هنا وهنالك؛ وأحَبَّ أن تكونَ حضرةُ الإمامة أيّدها الله بحسابِ ما عايَنَ بذلك، وما ثمرُ الجنّة من سائرِ الثمَر، ولا يَنظُرُ إلى السُّها إلّا ساهٍ عن القمر؛ وأيُّ مُذنَّبٍ يُذكَرُ معَ البحر، أم أيُّ يوم يقاسُ بيوم النَّحر؟! وسيُشاهدُ المعالمَ المقدَّسة شرَّفَها اللهُ بعين تَدري قَدْرَ ما تُعاينُه، وَيصفُها بلسانٍ لو أعارهُ لوُصفت به محاسنُه؛ ولسيّدي الأعلى عادةٌ أن يَضُمَّ إليه مَن أعلَقَ به رجاءه، ويُكرمَ كريمةَ قوم إذا جاءه؛ وهذا بلا ارتيابٍ كريمةُ الكرام، وبقيّةُ سادةِ الحرام؛ والراويةُ الصّادقُ اللَّهجة، والحديقةُ الرائقةُ البهجة؛ فهو يزيدُه على تلك العادة، ويَجْلو عليه بدارِ الإمارة وجهَ السعادة، وإنّما يُكبِرُ ابنَ أكبر السِّبْطَيْن، وُيعظِمُ مَن يَنظِمُ من جواهر لفظِه وفَخْرِه سِمْطَيْن؛ وإذا أعلى قدْرَ هذا العَلَوي، وحرَّك بالرفْع ساكنًا من بيتٍ شَرَفُه بمكان الرَّوِي؛ أولاه يدًا يُعطِّرُ ذكْرُها أندِيةَ الجلالة، ويُحيلُ في شكرِها على ذمّةِ الرسالة، ولا شرَفَ كشرفِ هذه الحَوالة؛ أدام اللهُ علاءكم،


(١) في الرسائل: "فهل من المجد في بحبوحته".
(٢) في الرسائل: "الأشرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>