للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخَلَ الأندَلُس وتجوَّل فيها ثُم سكَنَ تونُسَ وقتًا، فأخَذَ عنه بها يسيرٌ، وكان يتَسامحُ كثيرًا فيما يحدّثُ به، سمَحَ اللهُ له. واستُقضيَ بأطْرابُلُسِ إفريقيّة ثم شرَّقَ سنة سبعَ عشْرةَ أو نحوَها فحَظِيَ بالقاهرة وخَلَفَ أبا الخَطاب ابنَ الجُمَيِّل بعدَ وفاتِه بمدرستِه.

وتوفِّي [وهو] يتَولّى التدريسَ بأحدِ أيوانَيْ دار الحديث الكامِليّة بالقاهرة آخرَ سنة إحدى وأربعينَ وست مئة (١).

وهذا تسميطُ إحدى القصائدِ الحَسّانيّة المشارِ إليها، نقَلتُها من نسخةٍ سُمِعت من لفظِ مسَمِّطِها أبي سَهْل مرَّتينِ وعليها خطُّه بذلك [من البسيط]:

من كان من معشرِ الباكينَ مقتصِدا ... وخاضَ في غَمَراتِ الحُزن مُتّئدا

ولم يَذُبْ أسفًا ولم يمُتْ كمَدا ... أنا الذي حُزنُه لا ينتهي أبدا

"آلَيْتُ ما في جميع الناس مجتهدا ... منّي ألِيّةَ بَرٍّ غيرِ إفنادِ"

[.....................] وُلِعَتْ ... كأنما بتمادي الحُزنِ قد طُبِعتْ

[........] بكَتْ أو هامة سَجَعتْ ... آلَتْ مقالًا وحالًا كيف كان نَعَتْ

"تالله ما حمَلتْ أنثى ولا وضَعَتْ ... مثلَ الرسولِ نبيِّ الرحمةِ الهادي"

[وما دُهينا] بأدهى من رَزِيّتِه ... ولا بأفظعَ يومًا من منيّتِه

آلَيْتُ حِلفةَ بَرٍّ في أليَّتِهِ ... إنّ الرسُول لَفردٌ في سجِيّتِه

"ولا بَرَا اللهُ خلقًا من بَريّتِهِ ... أوفَى بذمّة جارٍ أو بميعادِ"


(١) كان شيخ دار الحديث الكاملية في هذا الوقت هو حافظ الديار المصرية أبا محمد عبد العظيم ابن عبد القوي المنذري (انظر كتاب الدكتور بشار: المنذري وكتابه التكملة، النجف ١٩٦٨ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>