للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها في الوَعْظِ والتوبيخ: يا هذا، مِدادُ الذُّنوب إنّما يَمْحوهُ ماءُ الدّمع، أفلا تعِدُّ له عينًا باكية، وخَطَرُ العقل يَقتُلُ غلامَ الهوى، وأنت تقولُ: أقتَلْتَ نفْسًا زاكية؟! اعترضَتْك شُبهةُ الغَيّ، فهذا دليلُ الرُّشدِ قد تبيَّن، وإن خرَجْتَ خائفًا من مِصرِ المعصِيةِ فأجهِدْ نفْسَك على أن ترِدَ ماءَ مَدْيَن، عَزْمُ الكرام وكيلُ أمين الغيب، وهمّةُ الرجال ما التأنيثُ لاسمِها بعَيْب، قالت أسماءُ لولَدِها وقد خشِيَ المُثْلة: الشّاةُ الميِّتة لا تألَمُ السَّلْخ، ونادى ابنُ أدهم مَنْ شَجَّه: إنّ الرأسَ الذي يحتاجُ إلى [المُخ] (١) تركتُه ببَلْخ (٢) [الطويل]:

أيعلمُ مَن أوْدَى بصبريَ ما ألقَى ... وأنّ نَعيمي في هواهُ بأنْ أشقَى

إذا قيلَ: هذا عاشقٌ، قلتُ: ميِّزوا ... فأكثرُ مَن تلقَوْنَه يدَّعي العشقا

ويا بأَبي ذاك الحبيبُ الذي ثَوَى ... من القلب مثوًى لم أُسامحْ به خَلْقا

تجافَيْتُ عن إعراضِه وجفائِه ... فمِن حقَّه أن لا أرى معَهُ حَقّا

وجمجَمتُ في شكوايَ إذْ لم أجدْ لها ... محلًّا لإلْقائي ولم أستطعْ نُطقا

وكنتُ أرى والصِّدقُ شانيَ في الهوى ... بأنّي على حالي سأُجزَى به صِدقا

فأخلَفَ ظنِّي والمُحبُّ ظُنونُه ... متى حاولَتْ جَمْعًا تُحوِّلُه فَرْقا

وللشّرقِ في قلبي لُبانةُ عاشقٍ ... فيا ليتَ [شِعري] (٣) من يُبلِّغُها الشَّرقا

ألا إنّ ماءً فيه ماكنت أشتكي ... لهيبَ الحشا لو كنتُ يومًا به أُسقَى

وطِيبُ نسيم لا يُرى مَن أضَلَّهُ ... سوى اليأسِ منه أويرى ذلك الأُفْقا

فمَن مُبلغٌ سُكّانَهُ أنّ عهدَهمْ ... وإن همْ أضاعوهُ على حِفظِه أبقى

سلامٌ عليهمْ كيف كانوا فإنّهمْ ... وإن لم يَرِقُّوا لا أزالُ لهمْ رِقّا


(١) خرم في الأصل.
(٢) في الأصل: "بملخ".
(٣) زيادة يستقيم بها الوزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>