للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الواحد بن محمد المَلّاحي وابن محمد بن عبد الرحمن ابن الحاجِّ، وعبدُ الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس، وأبو محمد بن الحَسَن القُرْطُبي، وأبو الوليد محمد بن أحمدَ ابن الحاجِّ، وغيرُهم.

قال لي شيخُنا أبو القاسم البَلَوي: سمعتُ عليه في جماعةٍ كبيرة "المُشرِق" أحدَ تصانيفِه، بقراءة أبي محمد بن حَوْطِ الله في إشبيليَةَ، فلمّا فَرَغَ من قراءتِه استجازَه لنفسِه وللحاضرينَ فأجابَ إلى ذلك وأجاز لنا. وسأله أبو الخَطّاب أحمد بن محمد (١) بن واجِب في صَدْرِ محرَّمِ ثنتينِ وتسعينَ وخمس مئة الإجازةَ العامّة في كلِّ ما يصحُّ إسنادُه إليه على اختلافِ أنواعِه لجميع مَن أراد الرِّوايةَ عنه من طلَبة العلم الموجودينَ من (٢) حينئَذٍ، فأسعَفَ بذلك وأجارْ لهم، فرَوى عنه بهذه الإجازة جماعةٌ منهم: شيخانا: أبو إسحاقَ بن أحمد بن القَشّاش وأبو عليٍّ الحَسَن بن عليٍّ الماقري، وأبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان رحمَهم الله، وسواهم.

وكان مُقرئًا مجوِّدًا، محدِّثًا مُكثِرًا قديم السماع، واسمع الرواية عاليَها، ضابطًا لما يحدِّث به، ثقةً فيما يأثره، نشأ مُنقطعًا إلى طلب العلم، وعُني أشدَّ العناية بلقاءِ الشّيوخ والأخْذِ عنهم، فكان أحَدَ من خُتِمت بهم المئة السادسةُ من أفراد العلماءِ وأكابِرِهم، ذاكرًا لمسائل الفقه، عارفًا بأصولِه متقدِّمًا في علم الكلام ماهرًا في كثير من علوم الأوائل كالطبِّ والحساب والهندسة، ثاقبَ الذِّهن متوقِّد الذكاء، وغير ذلك: متينَ الدِّين، طاهرَ العِرض، حافظًا للُّغات بَصيرًا بالنَّحو مختارًا فيه، مجتهدًا في أحكام العربيّة منفرِدًا فيها بآراءٍ ومذاهبَ شَذَّ بها عن مألوفِ أهلها (٣)، وصنَّفَ فيما كان يعتقدُه منها كتابَه "المُشرِق"


(١) في ق: "أحمد"، وهو غلط، وسيترجم له المؤلف.
(٢) "من": ليست في م.
(٣) ذهب الدكتور أحمد مكي الأنصاري في رسالته: أبو زكرياء الفراء ومذهبه في النحو واللغة (٤٣٤ - ٤٢٣) إلى أن ابن مضاء مسبوق في بعض آرائه بالفراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>