للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المسألةُ بمَرّاكُشَ سنةَ عشرين وست مئة في مجلس ضَمَّ لِمّةً من أعلام العلماء أثارها كَتْبُ عاقدي الشّروط: أبرَأه من جميع الدَّعاوِي، وكان فيهم القاضي الأديبُ الناقد المجتهد أبو عبد الله بنُ عيسى ابن المُناصِف الآتي ذكْرُه في موضعِه من هذا المجموع بحَوْلِ الله تعالى (١)، فأنكَرَ جمع الدَّعوى على هذا الحدّ وقال: إنّما يقال: الدَّعْوَياتُ، فسَلَّمَ له الحاضِرون ولم يقُلْ هُو ولا أحدٌ ممّن اشتملَ عليه ذلك المحفِلُ: الدَّعاوَى، وهو أقربُ نسبةً إلى إصلاح اللفظ به، إذ هُوَ جمْعُ تكسيرٍ مثلُه على توَهُّم العاقدينَ فيه وأنَصُّ في المقصود، فالدَّعاوَى إذ كان المعنيُّ به عندَهم جمع الكثرة المُقتضيَ بَتَّ أسبابِ الطلبِ وحَسْمَ موادّ الشغَب، فأمَّا ما ذكَرَه أبو عبد الله ابن المُناصِف ووافَقَه عليه جُلَساؤه فإنه جَمْعُ سلامةٍ وموضوعُه القِلّة.

قال سيبَويْه (٢) آخِرَ الفصل الذي نَقلْنا قبلُ أوّلَه: وإن أردتَ أدنَى العدَد جمَعْتَ بالتاء، تقول: ذَفْرَيات وحُبْلَيات. وقال في باب تحقير ما كُسِر عليه الواحد للجَمْع: ولو حقَّرت الجَفِنات وقد جاوَزْنَ العَشْرَ لقلتَ: جُفَيْناتٌ لا تُجاوِزُ؛ لأنّها بناءُ أقل العدد. ثمَّ قال: إذا حَقّرتَ الفِتْيانَ قلت: فِتْية، فإن لم تقُلْ ذلك قلتَ: فَتِيّون، قالوا: والنّونُ بمنزلة التاء في المؤنَّث. ثم قال: وإنّما صارتِ التاءُ والواو والنّونُ لتثليثِ أقلِّ أدنَي (٣) العدَد إلى تعشيره وهو الواحدُ كما صارتِ الألفُ والنون للتثنية ومُثَنّاهُ أقلّ من مثلَّثِه، ألا ترى أنّ جرَّ التاءِ ونصبَها سواء، وجَرَ الاثنينِ والثلاثة الذين هم على حدّ التثنية ونَصبَهم سواء؟ فهذا يُقرِّبُ أنّ التّاءَ والواوَ والنّونَ لأدنَى العدَد؛ لأنه وافَقَ المثَنّى.

تكميل: وإلى ذلك فقد قال سيبويهِ إثْرَ الفصل الأوّل الذي نقَلْناه من كلامِه: وقالوا: ذَفْرى ذَفارَى ولم يُنوِّنوا ذَفْرى. انتهى. ومُرادُه بهذا القول التعريفُ بشذوذ


(١) راجع المقدمة من هذا السفر ص ٢٠٦، واحتج المؤلف برأيه لأنه كان لغوياً مشهوراً وقد ذكر القلقشندي في صبح الأعشى ١/ ١٥٢ أن مذهبته في الحلى ضرورية للكتاب.
(٢) انظر الكتاب ٢/ ١٤١.
(٣) سقطت من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>