للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَفَارٍ جَمع ذَفْرى غيرَ منَوَّن على القياس المطَّرِد في جمع نظائرِه حسبما قُدِّم (١) أولَ الفَصْل، فلا ينبغي أن يُقاسَ عليه. ووراءَ قولِه: "ولم يُنوِّنوا ذَفْرى" معنًى لطيفٌ سِرُّه التنبيهُ على تفرِقة العربِ بين ما ألفُه للتأنيث فلا يُنَوَّن ويُجمَعُ قياسًا على فَعالى وشَذَّ منه ذَفارى في جمع ذَفْرى، وما ألِفُه الرابعةُ مُنقلبةٌ عن أصل وعن زائدٍ للإلحاق به كأضحى جمْعَ أضْحاة ومَرمى ومَهْوى وأَرطى وذَفْرى في لُغة مَن نَوَّنها، فإنّ ذلك كلَّه يُجمَعُ بكسرِ ما بعدَ الألف نحوَ أضاحٍ ومَرامٍ ومَهاوٍ وأراطٍ وذَفارٍ وشِبهِها.

وقد آنَ لنا أن نقفَ من بَسْطِ القول في هذه المسألة عند هذه الغاية ونرجعَ إلى تمام ذكْرِ أبي العبّاس بن غَزْوان، فنقول:

ومن نثرِه مقامةٌ في الكلب والهِرّ بارعةٌ أبدَعَ فيها ما شاء، ومما يؤثَرُ من نظمِه قولُه [السريع]:

الحمدُ لله على ما أرى ... كأنّني في زمني حالمُ

يَسُودُ أقوامٌ على جَهْلِهمْ ... ولا يَسُودُ الماجدُ العالمُ

وقولُه في استخراج مضمَراتِ الحروف، وهو من أجوَدِ ما نُظِم في مَغْزاه عليه [الخفيف]:

طالَ هَجْري فضرّني سُهْد طَرفٍ ... فاضَ رَيًّا فسال سَيْلَ أتِيِّ

رُبّ عينٍ تَسُوقُ حَيْنَ محُبٍّ ... نَظَري مُنذرٌ بحَيْنٍ وحيِّ

حيث شَجْوي يُضيعُ حَظّي وعِزّي ... وهْو يَعصي وغِرَّ طوع عَصِيِّ

فَرْطُ شَوْقي يذودُ زَهْوي وُيغْري ... شَغَفي في ظهورِ سرِّ خَفيِّ

هُو شُغْلي وهمّه نقْص سعيي ... مُنصِفٌ كلُّ من يفي لوَفيِّ

ومن تمام الإفادة بهذه الأبيات بيانُ العمل بها، وهو مَبنيّ على قاعدتَيْن:

الأُولى: معرفةُ ترتيبِ حروف المعجَم المراعَى في نظمِها، فاعلَمْ أنّ ترتيبَها ببلاد المغرِب والأندَلُس وهو موافقُ ترتيبِها ببلاد المشرِق في هذا الكتاب إلى الزاي،


(١) في ق: "تقدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>