للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوَدُّ هلالُ الأُفْقِ لوأنه هَوَى ... يُزاحمُنا في لَثْمِهِ ونُزاحمُهْ

وما ذاك إلّا أنّ حُبَّ نبيِّنا ... يقومُ بأجسام الخلائق لازمُهْ

سلامٌ عليه كلّما هبَّتِ الصَّباً ... وغنَّت بأغصانِ الأراكِ حَمائِمُهْ

سلامٌ عليه كلّما افتَرَّ بارِقٌ ... فراقَتْ عيونُ المُجدِبينَ مَباسِمُهْ

سلامٌ عليه ما تفاوَحَتِ الرُّبَى ... بزَهْر كأنّ المِسكَ تَحوي كمائمُهْ (١)

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وفي هذه القصيدة، على ما بها من إجادة، تعقُّبٌ من وجوه، منها: التضمينُ، وهو من عيوبِ النَّظْم، وذلك في قولِه: وممّا دَعاني، والبيتِ الذي بعدَه، ومنها: الإيطاءُ في صوارمُهْ في بيتينِ بينَهما بيتان، ومنها: إعادةُ ضمير نواسمُهْ وهو مُذكَّر على الأرض وهي مؤنَّثة، وحَمْلُها على إرادةِ التذغير بتأويل المكان أو المحَلّ أو شِبهِهما أو إعادتُه على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بأدنَى نسبة، كلُّ ذلك متكلَّفٌ (٢) بعيدُ المُتناوَل، ولو جَعَلَ الرَّبْعَ عِوَضَ الأرض لخَلَصَ من هذا الانتقاد وأحرَزَ فَضْلَ الصِّقالةِ في اللّفظ، واللهُ أعلم (٣).


(١) أورد المقري في فتح المتعال ٢٨٢ - ٢٨٤ هذه القصيدة بتمامها نقلًا عن رحلة ابن رشيد وذكر أن صاحب المواهب اللدنية أنشد بعضها، وهي غير كاملة في أزهار الرياض ٣/ ٢٦٣، وانظر أيضًا المواهب اللدنية بشرح الزرقاني ٥/ ٥٠ - ٥١.
(٢) في ق: "تكلف".
(٣) نقل ابن رشيد في رحلته تعقيب المؤلف على قصيدة ابن المرحّل ثم عقّب عليه تعقيبًا نورده تتميمًا للفائدة فيما يلي: قال ابن رشيد: هذا ما قاله صاحبنا جريًا على عادته - عفا الله عنه - من انتقاص الأفاضل، واعتساف المجاهل، وترك الصافي الزلال وورود الكدر والعكر من المناهل، وكل ما قاله فاسد، والنقد عليه عائد. أما هذا التضمين الذي ادعى أنه عيب فليس بهذا، وإنما العيب الذي ترجم له أهل القوافي هو ما كان بين القافية وصدر البيت الذي يليها كقولهم:
........................... ... وهم أصحاب يوم عكاظ إني
شهدت لهم مواطن صادقات
وأما هذا التضمين الذي فعله الشيخ فسبيل مفيدة، وطريق مستحسنة عند العرب والمولدين المتقدمين منهم والمتأخرين. وإنما أوقعه في ذلك عدم معرفته باللفظ المشترك، وأما ما ادّعاه من =

<<  <  ج: ص:  >  >>