للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسحَمَ بن النُّعمان -ويقال له: الساطعُ- بن عَدِي بن عبد غَطَفان بن عَمْرو بن بديح بن جَذِيمةَ بن فَهْم، وهو تَنُوخُ بن تَيْم الله بن أسَد بن وَبْرةَ بن ثَعلبِ بن حُلْوان بن عِمران بن الحاف بن قُضَاعةَ التَّنوخيُّ الساطِعيُّ المَعَرِّيّ [الطويل]:

قُرَيْطِيّةُ الأخوالِ ألمعَ قُرْطُها ... فسَرَّ الثُّريّا إنها أبدًا قُرْطُ (١)

ويتبيَّنُ ذلك بإيراد المقصُود ممّا ذكَرَه الأستاذُ أبو محمد بنُ محمد بن السِّيْد البَطَلْيَوْسيُّ في كلامِه على هذا البيت في شَرْحه ما اختار شَرْحَه من شعرِ العَرِّي، وذلك قولُه (٢): وفي قولِه: "أبدًا" ها هُنا نُكتةٌ ينبغي أن يوقَفَ عليها، وذلك أنّ ابنَ المعتَزِّ قال في تشبيه الثُّريّا [المنسرح]:

في الشَّرق كأسٌ وفي مَغارِبها ... قُرطٌ وفي أوسَطِ السماءِ قدَمْ

فشبَّهَها وقتَ طلوعِها بكأس ووقتَ غروبها بقُرْط ووقْتَ توسُّطِها في السماء بقَدَم، فوَلّد أبو العلاءِ من هذا المعنى معنىً آخَرَ فقال: إنّ الثُّرَيّا لمّا رأتْ قُرْطَ هذه المرأة سَرَّها ألا تُشَبَّه في جميع أحوالِها إلّا بالقُرط دون غيره مما شُبِّهت به، وفيه نُكتةٌ ثانية، وذلك أنّ طلوعَ النَّجم كأنّه له أشرَفُ أحوالِه وسُقوطَه كأنهُ أدوَنُ أحوالِه، فيقول: لمّا رأتِ الثُّريّا قُرْطَ هذه المرأة سَرَّها أن تكونَ قُرطًا وإن كان ذلك إنّما هو في وقتِ غروبِها، وهذا على مذهبِ ابن المعتَزّ. انتهى المقصُود. فنَقَلَ شيخُنا أبو الحَكَمْ ذلك المعنى إلى هذا المعنى نَقْلًا بَديعًا، فذَكَرَ أنّ الثُّرَيّا إنّما يَسُرُّها لو رأَتْ هذا المثالَ تشبيهًا بالقَدَم دونَ القُرْط والكأس.

تنبيهٌ يجبُ بيانُه: وهو أنه قد يَسبِقُ إلى بادي الرّأي أنّ الثُّرَيّا إنّما آثَرَت أن تكونَ قَدَمًا دون ما شُبِّهت بهِ غيرَها لتكونَ واطئةً لهذا المثال، وذلك تقصيرٌ بما يجبُ له من التعظيم والإجلال بانتسابه إلى النَّعْل الكريمة النّبَوّية لحَذْوِه عليها، ومَن للثّريّا بأن تكونَ مَوْطِئًا لهذه النَّعْل الكريمة بل للمثالِ المَحْذوِّ عليها؟


(١) البيت في ديوان المعري ١٧٨.
(٢) انظر شروح سقط الزند - القسم الرابع ١٦١٣ - ١٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>