للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ العَلِيَّ عليًّا حين جاء بهِ ... فَذُّ المحاسنِ كَنَّوهُ أبا الحَسَنِ

خُذْها إليكَ وقد أجَّجْتَ من فِكَري ... ما يُضرِمُ النارَ في أحشاءِ مُضْطَغِنِ

إنْ ضَلَّ مُبصِرُها حِلماً فإنّ لهُ ... عُذْراً بما جمَعَتْ في الطِّرْس من فِتَنِ

أو ذلّ حاسدُها ضِغْناً فلا عجَبٌ ... ذُلُّ الغبِيِّ اعتزازُ الأروَعِ الفَطِنِ

أغصَصتُ بالرِّيق قوماً ما جنَيْتُ لهمْ ... إلّا نفائسَ ما قُلِّدت من حَسَنِ

إنّي قتلتُ غبِيُّا ما برَزْتُ لهُ ... إلّا تقلَّبَ في أثوابِ مُندفِنِ

إنْ سَلَّ غرْبُ ذكائي حَدَّ قافيةٍ ... في النّوم أدرجَ من ثوبَيْه في كَفَنِ

قد كابَرَ الحقَّ بُهْتاً وهْو معتقدٌّ ... في السِّرِّ إثباتَ ما يَنْفيه في العَلَنِ

وأبصَرَتْ عينُه الآياتِ باهرةً ... لا تَستَسِرُّ لِساهٍ لا ولا طَبِنِ

فلازَمَ البَغْيَ واستَهوَتْه منقَصةٌ ... كأنه عاكفٌ منها على وَثنِ

ما للغَضاضةِ سُلطانٌ على أدبٍ ... تُحدَى به العِيسُ من مِصْير إلى عَدَنِ

هذا الكلامُ كمالٌ لا يُلمُّ بهِ ... تنقيصُ أخرقَ بادي العِيِّ واللَّكَنِ

طَمَا به البحرُ لمّا ظَلَّ مُرْتَكِباً (١) ... لَجَّ اللَّجاج بخَرْقاءٍ من السُّفُنِ

فورَّطتْه الرِّياحُ الهُوجُ عاصفةً ... في بَرْزَخ الحِنْثِ بين الهُونِ والوَهَنِ

يا باذلَ العِلق بَخْساً من سفاهتِهِ ... قد كان أرجَحَ لو غاليتَ في الثمنِ

لو كنتَ تعلَمُ ما فارقْتَ من عضد (٢) ... ما كنت تجمَعُ بينَ الجَفْنِ والوَسَنِ

إنّي سأَثْني عِناني في ثناءِ أخٍ ... أسدَتْ أياديه بِيضاً أوجُهَ المِنَنِ

حَمْدي خِلالَ خليل لا نظيرَ له ... أَوْلى من الأخْذِ في المستوهِن الوَهِنِ

وما نَفَثت (٣) بما في الصّدرِ من كَمدٍ ... إلّا ليعلمَ ما عندي فيَعذُرَني


(١) في ق: "مركبنا".
(٢) في ق: "غصن".
(٣) في ق:" بعثت"، محرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>