للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدُلُّك على قِدَم طلبِه العلمَ ولقاءِ حمَلتِه وأخْذِه عنهم. وبالجملة، فإنه كان ممّن انقَطعَ إلى العلم وعُني به قديمًا, ولا ينبغي لمثلِه أن يُدفَعَ عن ثقةٍ وصِدق وأمانة، ولعلّه لم يكنْ ظفِرَ بإجازةِ هؤلاء الشّيوخ لهُ إلا بأخَرة، فلذلك حدَّث عنهم بها حينئذٍ، أو كان لا يَرى الحَمْلَ بمجرَّدِ الإجازةِ ببعض الوجوه التي تَجري عليها إجازاتُ الشيوخ ثم رَجَعَ إلى تسويغ الحَمْل بها آخِرًا فحدَّث عنهم بها، إلى غيرِ ذلك من الأمورِ المحتمَل وقوعُها المُمكن اعتبارُها في تصحيح دَعْوَى روايتِه عن هؤلاء الشيوخ، ويزيدُ ما قرَّرناهُ من حالِه وما ذكَرَه به أبو عبد الله بنُ عَسْكرٍ وضوحًا ما تقَدَّم إيرادُه من إمساكِه أصلَ أبي عليٍّ الصَّدفي من "كتابِ المُستنير" الذي بخطِّه حالَ السَّماع بمجلسِ أبي عليّ بن عَرِيب، فإنّ من عادةِ المشايخ أن لا يُمسِكَ بمَجالسِهم الأُصولَ المعتمَدةَ إلا مَن يوثَقُ بضَبْطِه ويُتيقَّنُ تحصيلُه ونُبلُه وقد ذَكَرَ أنّ ذلك كان في وَسَط ربيع الأوّل من عام ثلاثةٍ وثلاثين، وهذا بناءً على الظاهِر من أنّ هذا الأصلَ كان للشّيخ المسموع عليه أو لغيرِ أبي العبّاس إذْ لم يُخبِرْ أنه كتابُه ولا أشار إلى ذلك، واللهُ أعلم.

ثم إنّ أبا العبّاس هذا قد رَوى عنه جماعةٌ كبيرةٌ وعَوَّلوا عليه واعتَمَدوا روايتَه، منهم: آباءُ عبد الله: ابنُه، وابن رِضا، وابنُ أحمدَ بن يَربُوع، وأبو جعفر ابنُ (١) الأصلَع، وأبو الحَسَن بن محمد بن منصُور، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن بن دِحْيةَ، وأبو سُليمان بنُ سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو الصَّبرِ الفِهْري، وأبو عامرٍ محمدُ بن أبي محمد الحَجري، وأبي عَمْرو بن صالح بن سالم، وآباءُ القاسم: أحمدُ بن يزيدَ بن بَقِيّ وعبدُ الرّحمن بن محمد الشَّرّاطُ وعبد الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس، وأبو مَرْوانَ بن عُمر بن جعفون (٢)، ويحيى بن أحمد الهَوّاري.


(١) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو جعفر ابن الأصلع هذا اسمه أحمد بن محمد بن أحمد العكي، وقد تقدمت ترجمته في هذا الكتاب (٥٤٦).
(٢) كتب ناسخ م فوقها "كذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>