للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سَمع "كتابَ المُستنير" في القراءاتِ العَشْر الوَسَط من ربيع الأوّل من عام ثلاثةٍ وثلاثينَ، قال: وأنا أُمسِكُ أصلَ أبي عليّ الصَّدَفي بخطِّه على أبي عليّ الطَّرْطُوشي، يعني ابنَ عَرِيب، قال: وقرأتُ بعضَه على أبي عَمْرٍو المذكور، يعني الخَضِرَ، وناوَلَنيهُ، حدَّثاني به وجماعة عن أبي عليّ الصَّدَفي، فلو كانت له روايةٌ ولو بالإجازة عنه لذَكَرَها ونبَّه عليها في هذا الموضع وسِواه عند ذكْرِ الوسائطِ بينَهما، فمِن عملِ الشّيوخ في هذا النَّحو عند ايرادِ ما رَوَوْهُ بالقراءة أو بالسَّماع أو بالمُناوَلة الإعلامُ بروايتِهم إيّاه بالإجازة، ولا سيّما إذا كان الشّيخُ المقروءُ أو المسموعُ عليه أو المُناوِلُ يحمِلُ عن المُجِيز، لِما في ذلك من علُوِّ الرّواية وقُرب الإسناد ومُساواةِ الشّيخ المَرْويِّ عنه مباشَرةً. وأمّا ما ذكَرَه ابنُه الحاجّ أبو عبد الله والفاضلُ أبو الصَّبر من رواييه عن أبي محمد ابن السِّيْد فإنه لم يَجدْ في نُسخةِ الإجازةِ المذكورة أيضًا أنه رَوَى عنه مباشرةً ولا بواسطة إلا بإجازةِ أبي عبد الله بن خَطّاب وجماعةٍ سواه عنهُ، على أنّ إنكارَ حَمْلِه عن أبي محمد بن السِّيْد وأبي الوليد بن رُشْد أبعدُ من إنكارِ روايتِه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي، ولتأخُّر وفاةِ أبي محمدٍ أيضًا، فإنه توفّي منتصَفَ رجبِ إحدى وعشرين وخمس مئة، وقد تقَدَّم ذكْرُ تاريخ وفاةِ أبي الوليد بن رُشْد، ولا أُبعِدُ روايتَه عنهم إلا من قِبَلِ إضرابه عن ذكْرِهم على الوجهِ الذي أشرتُ إليه، هذا ما لا خفاءَ به عند من عُني بشأَنِ الرّواية وزَاوَلَ طريقتَها.

فأمّا معاصرتُه الشّيوخَ الأربعةَ فمعلومةٌ متيقَّنة، وخصوصًا أبا الوليد بنَ رُشْد وأبا محمد بنَ السِّيْد، فقد كان في زمَن قريب من وفاتَيْهما طالبًا للعلم عند الشّيوخ، يبيِّنُ لك ذلك أنه ذَكَرَ في نُسخة الإجازةِ المذكورة أنه قَرَأَ القرآن عَرْضًا برواية وَرْش عن نافع على أبي الحَسَن اللّماي المالطيّ سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وخمس مئة، وذكَرَ هنالك أيضًا أنه قرَأَ القرآن عَرْضًا بالقراءاتِ السَّبع وغيرِها من الشاذِّ على أبي عليٍّ بن عَرِيب في مدّةٍ آخِرُها عامَ تسعةٍ وعشرين، ووقَفْتُ على إجازةِ أبي الحَسَن بن مَوْهَب له وقد وَصَفَه فيها بالفقيه المُقرئ، فهذا ممّا

<<  <  ج: ص:  >  >>