للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّدَفي وأبي عبد الله ابن الفَرّاء رحمَهما اللهُ شهيدَيْنِ سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، فإذا تقَرَّر هذا فكيف يَبعُدُ في حقِّ من كان في سنة ثمانٍ وعشرينَ ينسَخُ ويقرَأُ وفي سنة إحدى وثلاثينَ يكتبُ فيه الأستاذُ والفقيهُ المُقرئ أن يكونَ موجودًا قبلَ سنة أربعَ عشْرةَ حتى تصحَّ له الإجازةُ من الشَّيخَيْنِ المذكورين؟! فلا تلحقَه تُهمةٌ في ذلك إن شاء الله؛ لأنه لم يدَعْ إلا أمرًا مُمكِنًا يُقبَلُ من مثلِه واللهُ المخلِّصُ بمَنِّه.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: انتهى ما ذكَرَه في هذه المسألة أبو عبد الله بنُ عَسْكر، وبمثل إنكار أبي عليّ الرُّنْديِّ على أبي العبّاس هذا روايتَه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاءِ وأبي عليٍّ الصَّدَفي وتكلُّمِه فيه من أجلِ ذلك أنكَرَ أبو محمد بن الحَسَن ابن القُرْطُبي عليه وتكلَّمَ فيه وقال: إنه كان لا يُحدِّثُ عن الصَّدَفيِّ وابن الفَرّاء إلا بواسطة، ولم يكن يَذكُرُهما أولًا في شيوخِه، ثم حدَّث عنهما آخِرًا فتطرَّقتْ إليه الظُّنون، وكلامُ أبي عبد الله بن عَسْكر في ذلك كلِّه بيِّنٌ واحتجاجُه صحيحٌ واضح على طريقة المحقِّقينَ من المحدِّثين، وكلُّ ذلك مَبْنيٌّ على تسليم نسبةِ الرِّواية له عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي حسبَما ذكَرَه أبو عبد الله ابنُ عَسْكر مُثبتًا له ومحتَجًّا على إمكانِه، ونَقَلَه أبو عليّ الرُّنْديُّ وأبو محمد ابنُ القُرْطُبيِّ من دَعْواه ذلك، وحُكْمُ أبي محمد بن عُبَيد الله بالرِّيبة في ذلك. ولا أدري من أين وقَعَ لهم ذلك! فإنّ أبا العبّاس هذا لم يجِدْ لرواييه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء ذِكْرًا في نُسخةِ إجازيه المذكورة لا بمباشَرة ولا بإجازةٍ ولا بواسطة، إلّا أن يكونَ في ضِمن إجازةِ بعض شيوخِه له عنه، وكذلك ما ذكَرَه أبو عبد الله بنُ عَسْكر من روايتِه عن أبي الوليد بن رُشْد وإن تأخَّرتْ وفاتُه عن وفاتَيْ أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي، فإنهُ توفِّي ليلةَ الأحد لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ذي القَعْدة سنةَ عشرينَ وخمس مئة. وأمّا أبو عليّ الصَّدَفيُّ فقد صَرَّح في غيرِ موضِع بحَمْلِه من طريقِه بوَسَاطةِ جماعة، وهم: أبو الحَسَن بن نافع، وآباءُ عبد الله: ابن خَطّاب وابن وَضّاح وابن يَبْقَى، وأبو عليّ بن عَرِيب، وأبو عَمْرو الخَضِر، وأبو محمد بن عَطِيّة، وأبو الوليد ابن الدّبّاغ المذكورونَ، وذَكَرَ فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>