للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيوخه في المرتين الآنفتَي الذكر، أمّا الذي صَرَّح أنه من أصحابِه فقد يكون ولدَه المذكورَ المسمّى باسمه الناشئَ في مَرّاكُش.

ومن أصحاب ابن عبد الملك الذين انتفَع بصحبتهم العلميّة وأثنى عليهم وتبادل وإياهم الفوائد: أبو جعفرٍ أحمدُ بن محمد بن سُليمان بن شُنيف العُقَيْليّ البَلَنْسيّ الأصل، وذكَرَه فيمن حدّثه عن ابن عَمِيرة المخزوميِّ فقال: " ... وصاحبنا أبو العبّاس بن محمد بن شُنَيْف"، وقد ترجَم له، وبعد أن عَدّ شيوخَه قال: "وقَدِم مَرّاكُش دَفَعات، أُخراها سنةَ ثمان وخمسينَ وست مئة، وخَلّف فوائدَ جمة وتعاليقَ أدبيّةً كثيرة، وجُملةً وافرة من كلام أبي المُطرِّف بن عَمِيرة نثرًا ونظمًا، وكان نبيلَ الخطّ متقِن التقييد، كتَبَ الكثير وعُني بالآداب كثيرًا"، ثم قال: "جالستُه طويلًا وانتفعت من قِبَلِه ببعض ما أوصَلَه مما ذكر، وصارت إليه من قبلي فوائدُ أدبية قد كان شديدَ الطلب لها، كثيرَ الحرص عليها، باحثًا عنها بالأندَلُس وإفريقيّة فلم يُلفِها". وتحدّث عن تحفُّظه الشديد فقال: "وكان قبل خبرته باديَ الجفاء ظاهرَ النُّفور، حتى إذا أَلِف وتُؤلِّف انبسَط واسترسَل وأمتَعَ مجُالسَه من الأنس بما شاء"، ثم ذكر أنه توفِّي ببلد حاحةَ سنة ٦٤٤ هـ حيث كان مكلَّفًا ببعض مَجابيها السّلطانية، ولم يفُتِ ابنَ عبد الملك أن يُشيرَ إلى ما قيل عند وفاتِه من أنه اغتيل بأمرِ عامل حاحةَ حسبما نفَذَت به الإشارةُ إليه من قِبَل المرتضى؛ لأن ابن شُنَيْف كان من مُداخلي إدريسَ المتلقّب فيما بعدُ بالواثق، ويشير إلى صدى هذا الحادث فيقول: "وشاع الشَّنيع بذلك على المرتضَى وقَبَّح النَّاسُ ما أتى من ذلك، واللهُ بالمرصاد وإليه المصير".

ذكر ابنُ عبد الملك أنّ صاحبَه هذا "خَلّف فوائدَ جمة وتعاليقَ أدبيّة كثيرة وجُملةً وافرة من كلام شيخِه أبي المُطرِّف بن عَمِيرة نثرًا ونظمًا"، ثم قال بعدَ هذا: "وصار إليّ معظمُ ما قَدِم به بعدَ وفاته، رحمه الله" (١)، ولم يبيِّنْ كيف دخَلت


(١) الذيل والتكملة ١/الترجمة ٦٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>