للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا ذا الذي مَرَّ بي اجتيازًا ... سألتُكَ الله قِفْ قليلا

واسمَعْ لقَوْلي ففيه وَعْظٌ ... يُوقِظُ مِنْ نومِه الغَفولا

عِشتُ ثمانينَ كاملاتٍ ... ناهيكَ منها مدًى طويلا

عجِبتُ أَن أَدبَرَتْ سِراعًا ... ولم أنلْ من مُنايَ سُولا

بادَرَ خِلِّي بها ارتحالي ... كأنّني عابرٌ سبيلا

وها أنا اليومَ رَهْنُ قبرٍ ... أصبح من منزِلي بديلا

منفرِدًا لا أرى قريبا ... ولا حميمًا ولا خليلا

رَهْنَ ذُنوبٍ تقَدَّمتْ لي ... حُمِّلتُ منْ عِبْئها ثقيلا

فما اعتذاري إذا دَعَاني ... للعَرْضِ مُستصغَرًا ذليلا

وقال لي: ما عمِلتَ فيما ... علِمتَ يا ظالمًا جَهولا؟!

يا وَيْلَتا إن عَدِمْتُ رُحمَى ... مَن لم يزَلْ راحمًا وَصْولا

فادع ليَ الله يا وَليِّي ... فصَفْحُهُ لم يزَلْ جميلا

واستَغْفِرِ اللهَ لي عساهُ ... يكونُ من عَثرتي مُقيلا

وقلْ: عَفَا اللهُ عن سَلَامٍ ... فكم عَصىَ الله والرّسولا

فرُبَّ داع بظهرِ غيبٍ ... قابلَ من ربِّه القَبُولا

[١٧ أ] فرَثَاهُ بعضُ أصدقائه بقصيدةٍ على رَوِيِّها وعَروضِها أوّلُها:

سَلَامُ رَبّي على سَلَامٍ ... ما عاقَبَتْ بُكرةٌ أصيلا

تحيّةً لا تَزالُ تَسْقي ... صَوْبَ الحَيَا قبرَه المحيلا

وهي من خمسةٍ وعشرينَ بيتًا, ولولا خَوْفَ الإطالة لأثبتْناها هنا، واللهُ الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>