للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعَمْرُك ما يَبْلَى بَلاؤُك في العِدا ... وقد جَرَّتِ الأبطالُ ذَيْلَ الهزائمِ

وتالله لا يَنسَى مقامَكَ في الوَغَى ... سوى جاحدٍ نُورَ الغزالةِ كاتمِ

لَقِيتَ الرَّدى في الرَّوع جَذْلانَ باسمًا ... فبُورِكْتَ من جَذْلانَ في الرَّوع باسمِ

وحُمْتَ على الفِردَوْس حتّى ورَدتَهُ ... ففُزتَ بأشتاتِ المُنى فَوْزَ غانمِ

أَجِدَّكَ لا تَثْني عِنانًا لأَوبةٍ ... أُداوي بها بَرْحَ الغليل المُداومِ؟

ولا أَنْتَ بعدَ اليوم واعدَ هبّةٍ ... من النّوم تَحْدوني إلى حالِ حالمِ؟

لَسَرْعانَ ما قَوَّضْتَ رحْلَك ظاعنًا ... ودمِرتَ على غير النواجي الرَّواسمِ

وخَلَّفْتَ مَن يرجو دفاعَك يائسًا ... من النّصرِ أثناءَ الخطوبِ الضّوائمِ

كأنِّيَ للأشجانِ فوقَ هواجرٍ ... بما عادَني من عادِياتٍ هواجمِ

عَدِمْتُك موجودًا يعِزّ نَظيرُهُ ... فيا عِزَّ معدومٍ ويا هُوْنَ عادمِ

ورُمْتُكَ مطلوبًا فأعيَا مَنالُه ... وكيف بما أعني مَنالًا لرائمِ

وإنّي لمحزونُ الفؤادِ صَديعُهُ ... خلافًا لسالٍ قلبُه عنك سالمِ

[٢٥ ب] وعندي إلى لُقْياك شوقٌ مبرِّحٌ ... طَوانيَ من حامي الجَوَى فوقَ جاحمِ

وفي خَلَدي -واللهِ- ثُكْلُكَ خالدٌ ... ألِيّةَ بَرٍّ لا أَلِيَّةَ آثمِ

ولو أَنّ في قلبي مكانًا لسَلْوةِ ... سَلَوْتُ ولكنْ لا سُلُوَّ لهائمِ

ظلَمتُك إنْ لم أَقْضِ نُعماك حَقَّها ... ومثليَ في أمثالِها غيرُ ظالمِ

يُطالبُني فيك الوفاءُ بغايةٍ ... سَموْتُ لها حِفظًا لتلك المراسمِ

فأَبْكي لشِلوٍ بالعَراءِ كما بَكَى ... زيادٌ لقبرٍ بين بُصرى وجاسمِ (١)


(١) زياد: هو النابغة الذبياني والإشارة إلى قوله في رثاء النعمان بن الحارث الغساني:
سقى الغيث قبرًا بين بصري وجاسم ... بغيث من الوسمي قطر ووابل

<<  <  ج: ص:  >  >>