وكلامُه نَظْمًا ونثرًا جيِّدٌ كثير، وصنَّفَ في العربيّة كتابًا مُفيدًا رَتَّبَ الكلامَ فيه على أبوابِ "كتاب سِيبوَيْه"، وله تعاليقُ نافعةٌ على"المُستصفَى في أصول الفقه"، إلى غير ذلك من فوائدِه.
مولدُه عامَ تسعةٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بغَرناطةَ منتصَفَ ذي قَعْدةِ سنة تسع وثلاثينَ وست مئة، وزَعَمَ ابنُ الأبّار (١) أن وفاتَه كانت سنةَ أربعينَ وست مئة، وليس بشيء.
ولله تلميذُه الكاتبُ الأبرعُ الشاعرُ المُجيد أبو عبد الله ابنُ الجَنَّان، رحمه الله، إذ كتَبَ إلى بَنِيه يُعزّيهم بفَقْدِه، ويَحثُّهم على استشعارِ الصبرِ من بعدِه [الطويل]:
دَعُوني وتَسْكابَ الدّموعِ السوافكِ ... فدعوَى جميلِ الصبرِ دعوةُ آفكِ
[٣٢ أ] أصبرٌ جميلٌ في قبيحِ حوادثٍ ... خَلَعْنَ على الأنوارِ ثوبَ الحوالكِ؟!
تنَكَّرتِ الدُّنيا على الدِّينِ ضَلَّةً ... ومن شيمةِ الدّنيا تَنكُّرُ فاركِ
فضمَّهما حُكمُ الرَّدى بِرِدائهِ ... فتلك وهذا هالكٌ في الهوالكِ
عَفَا طَلَلٌ منها ومنه فأصبحا ... شريكَيْ عِنانٍ في بِلًى متدارَكِ
فلا بهجةٌ تُهدي مسَرَّةَ ناظرٍ ... ولا حُجَّةٌ تَهدي محجَّةَ سالكِ
وما انتظَمَ الأمرانِ إلا ليُؤْذِنا ... بأنْ قد دَنا نَثْرُ النجوم الشوابكِ
وآنَ لمنثورِ الوجودِ انطواؤُهُ ... بِكَفَّيْ فناءٍ للفناءِ مُواشكِ
أمَا قد علِمنا والعقولُ شواهدٌ ... بأنَّ انقراض العلمِ أصلُ المهالكِ
إذا أذهبَ اللهُ العلومَ وأهلَها ... فما اللهُ للدّهرِ الجَهولِ بتاركِ
هل العلمُ إلا الرُّوحُ، والخَلْقُ جثَّةٌ ... وما الجِسمُ بعدَ الروحِ بالمتماسكِ
(١) التكملة (٣٢٣٧)، وبه أخذ الذهبي لأنه معتمده.