للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو راعَه عُمْرٌ تكامَلَ أَلْفُهُ ... لَما راعَ نُوحًا في السنينَ الدكائكِ (١)

وما من سبيلٍ للدَّوام وإنّما ... خُلِقْنا لأَرحاءِ المَنُونِ الدَّواهكِ

فيا آلَ سَهْلٍ أو بَنيهِ مخصِّصًا ... نداءَ عمومٍ في غمومٍ مَوالكِ

أعندَكمُ أنّي لِما قَد عَراكمُ ... أُمانعُ صَبْري أن يُلينَ عرائكي

فكيفَ أُعزِّي والتَّعزّي مُحرَّمٌ ... عليَّ ولكنْ عادةٌ آلَ مالكِ

فإنْ جَزَعٌ يَبدو فذاكَ تَكرُّهٌ ... لتجريع صَابٍ من مُصابٍ مُواعكِ

وإن كانَ صَبرٌ إنّها لَحُلُومُكُمْ ... ثوابتُ في مَرِّ الرّياح السَّواهكِ (٢)

ورِثتُمْ سَنَا ذاك المُقدَّمِ فأرتَقُوا ... بأعلى سَنامٍ من ذُرى العزِّ تامكِ (٣)

فلم يَمْضِ من أبقَى من المجدِ أرثَهُ ... ولم يَلْقَ هُلكًا تاركٌ مثلَ مالكِ

أتدرونَ لِمْ جَدَّتْ رِكابُ أبيكمُ ... كما جَدَّ سَيْر بالقِلاص الرّواتكِ (٤)

تذكَّرَ في أُفْقِ السّماء قديمَهُ ... فحَنَّ إلى عِيصٍ هنالك شابكِ (٥)

وكان سَمَا في حضرةِ القُدْسِ حظُّهُ ... فلم يَلْهَ عنه بالحُظوظِ الركائكِ

فيا عجَبًا منّا نبكّي مُهنَّأً ... تبَوَّأَ دارًا في جِوارِ الملائِك

يُلاقيه في تلك المغاني رفيقُهُ ... بوَجْهٍ مُنيرٍ بالتباشيرِ ضاحكِ

فلا تحسَبوا أنّ النَّوى غالَ رُوحَهُ ... لجسيم ثَوَى تحتَ الدكادكِ سادكِ (٦)


(١) الدكائك: التامة.
(٢) السواهك: التي تطيّر التراب.
(٣) التامك: المرتفع.
(٤) الرواتك: التي تمشي وكأن برجليها قيدًا.
(٥) العيص: الأصل، شابك: متصل القرابة.
(٦) سادك: لازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>