كان الزَّلازلُ والرِّيحُ الشديدةُ والـ ... ـخَسفُ العظيمُ وكان الهُلْكُ والمِحَنُ
منْ أين تعلَمُ ذا يا مُدَّعي الغيبِ في ... شعرٍ رَكيكٍ بجَهْدِ النَّفْسِ يتَّزنُ؟!
نطَقْتَ بالكُفرِ فاسكُتْ فُضَّ فُوكَ فما ... تُصغي لِمَا تَدَّعي من باطلِ أُذُنُ
تُرى الرسُولُ مضَى لم يَدْرِ ذلك أمْ ... درَى ولم يُخبِرِ الصَّحبَ الذين فَنُوا؟!
أمِ الصحابةُ لم تُخْبِرْ بذلكُمُ ... للتابعينَ وكلُّ القوم مؤتمَنُ؟!
حاشاهمُ أن يكونوا كاتمينَ لِمَا ... فيه الصلاحُ لنا: قبيحٌ او حسَنُ
أو لم يكُنْ ناصحٌ لله بعدَهمُ ... مِنْ ذلك الوقتِ حتى جاء ذا الزمنُ
لايعلَمُ الغَيْبَ إلا اللهُ منفرِدًا ... أما النبيُّونَ لولا الوَحْيُ ما فَطِنوا
هذا اعتقادي وأهلُ الحقِّ كلُّهمُ ... عليه وهْو السَّبيلُ الرَّحْبُ والسَّنَنُ
آمنْتُ بالله ربّي والنبيِّ ... وكذَّبتُ النُّجومَ ومَن بشأنِهنَّ عُنُوا
مَنْ كان بالشام منهمْ والعراقِ ومَن ... بالسِّندِ والهندِ أو مَن ضَمَّهُ وطنُ
يقول ذلكُمُ ابنُ الشّيخ يوسُفَ واللهُ الموفِّقُ والهادي، له المِنَنُ
ولمّا أشاع أبو الحَجّاج هذه القصيدةَ أَنِسَ بها جميعُ الخَلْق، وعَرَفوا أنه الحَقّ.
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: في أبيات هذه القصيدة نظَر، منها: "من أين تعلَمُ ذا"، ومنها: "حاشاهُم"، ومنها: "لا يعلَمُ الغيبَ إلا الله" فتأمَّلْها.
قال الحاكي: ولمّا أتى ذلك الوقتُ الذي سمَّى الكذّابُ، ووَقَى اللهُ بفضلِه عَبِيدَه ذلك العذاب، قال أبو الحَجّاج أيضًا -قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وسلَكَ في قوافيها ما تَرى-[السريع]:
يا أيُّها الناسُ اشكُروا ربَّكمْ ... لم يكُ لا خَسْفٌ ولا ريحُ