بينَهما والمقاطعةُ إلى موتِ الأستاذِ أبي محمد متظلِّمًا من ابنَ حَسّون، فمِن عجيبِ الاتّفاق وغريبِ الوِفاق أنه لمّا خرجَ بجَنازةِ الأستاذِ أبي محمد وقد احتَفلَ الناسُ لشهودِها باكينَ متفجِّعين، فاجأها ابنُ حَسُّون داخلًا من بعض متصرَّفاتِه، فنَفَرت منهُ دابّتُه فأكرَهَها حَمْلًا عليها، فزاحَمت به النَّعشَ بقوّتِها، فأخَذَه مقدَّمُ النعشِ في صدرِه فصَرَعَه عن دابّتِه ووقَعَ مَغْشيًّا عليه شَرَّ وقوع من غيرِ أن يَسقُطَ النَّعشُ عن أيدي حامليه، فطال تعجُّبُ الناس من ذلك حتى كان من كلام بعضِهم: لم يدخُل الأستاذُ قبرَه حتّى أخَذ ببعضِ النَّصَف منَ ابن حَسُّون، وعند الله تجتمعُ الخصوم.
ورثَى الأستاذَ أبا محمد الأديبُ أبو محمد عبدُ الله بن حَسَن المعروفُ بالبَرْجِي (١) بقصيدةٍ مُحسَنة مطلَعُها [الطويل]:
غرَبْتَ فسيفُ الدِّين ليس له غَرْبُ ... وغِبتَ فلا شَرْقٌ يضيءُ ولا غَرْبُ