عصَيْتُ هوى نَفْسي صغيرًا فعندَما ... رمَتْني اللّيالي بالمَشيبِ وبالكِبَرْ [٧ ظ]
أطَعْتُ الهوى، عكْس القضيّةِ، ليتَني ... خُلِقتُ كبيرًا وانتقَلْتُ إلى الصِّغَرْ
وتوفِّي بعد ذلك بثلاثة أيام ودُفنَ بمقبُرة مُشْكة، وعسى اللهُ أن يَسْمحَ له ويتجاوَزَ عنه بتندُّمِه.
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وعلى ذكْرِ هذَيْنِ البيتَيْن فقد تَبعَه ابنُه أبو الحَسَن عليٌّ فقال [الطويل]:
أبي قال قولًا سار في البدوِ والحَضَرْ ... وخَلَّف في الباقينَ ذِكْرًا وقد غَبَرْ
وأسلَفَ إحسانًا أوانَ اقتبالِهِ ... وخاف منَ التقصيرِ في حَيِّزِ الكِبَرْ
لذلك ما والَى أنينًا وزَفْرةً ... وأصبح يَهوى أن يُعادَ إلى الصِّغَرْ
هنيئًا لهُ إن لم يكنْ كابنِه الذي ... أطاع الهوى في الحالتين وما ائتَمَرْ (١)
وذيَلَها شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني رحمه الله بقولِه، وأنشَدَنيهُ [الطويل]:
ويُهْنيهِ أنْ أَبْدى اعترافًا وعذْرةً ... وتُغفَرُ للجاني الذنوبُ إذا اعتذَرْ
وتلاهما ابنُه أبو محمد عبدُ الله بن أبي الحَسَن عبدَ الملِك فقال [الطويل]:
أطَعْت هوى نَفْسي زمانَ شبيبتي ... فأرجو المَتابَ اليومَ في زمنِ الكِبَرْ
إذا كنتَ سِنَّ الشَّيبِ بَرًّا فمِنّةٌ ... بها يَغفِرُ الرّحمنُ ما كان في الصِّغَرْ
وضمَّن القاضي الحسيبُ أبو أميّةَ بن عُفَيْر رحمه اللهُ عَجُزَ الثاني من بيتَيْ أبي الحَسَن عبد الملِك المبدوءِ بهما، فقال في معنًى اقتضاه، وقد أنشدَنيهُما ابنُه القاضي أبو الوليد -رحمه الله- عنه [الطويل]:
يساريَ أغناني صَغيرًا عن الوَرَى ... وألجَأَني الإقتارُ في حالةِ الكِبَرْ
فأَوْلى بحالي قولُ مَنْ قال: (ليتَني ... خُلِقتُ كبيرًا وانتقَلتُ إلى الصِّغَرْ)
(١) هامش ح: عن ابن الأبار "في حالتيه وما اعتذر".