للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرّعَيْنيّ رحمه الله (١): وأنشَدَني ابنُ بَقِيّ، يعني شيخَه أبا القاسم، فيما أذِنَ لي فيه قال: أنشَدَني أبو عُبَيدٍ البَكْري، قال: أنشَدَني الكاتبُ أبو الحَسَن بنُ عَيّاش لنفسِه: عَصَيْتُ هوى نَفْسي .. البيتَيْن، قال أبو الحَسَن شيخُنا: قلتُ: زاد ابنُه أبو الحَسَن: هنيئًا له ... البيتَ. قال: وزِدتُ أنا: ويُهْنِيهِ .. البيتَ.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وكتابةُ أبي الحَسَن هذا بارعة، وشعرُه رائق، ومنها: ما خاطَبَ (٢) به القاضيَ ابنَ أبي بكر [٨ و] [البسيط]:

يا مَنْ تَرنَّحَ للعلياءِ مِعْطَفُهُ ... ترَنّحَ الغُصن بين الرِّيح والمطرِ

ومَن إذا حاجةٌ راحتْ براحتِهِ ... أذكى لها أعيُنًا نَدَّتْ عن السَّهرِ

لا أَعْدَمَنْك انتهاضًا لي بمُثقَلةٍ ... في مثلِها أَحجمَ المقدارُ من خَوَرِ

حَمَلْتَها لم تَلُذْ فيها بمعذِرةٍ ... في ساعةٍ لاذَ فيها القومُ بالعُذُرِ

بل بَسَطْتَ لها، دامَ عزُّك، يدَ الاستدعاء، وبوّأتَها كنَفَ الاسترعاء، وشرَيْتَ بها ناصعَ الشُّكر، وخالصَ الذِّكر، حِرصًا على فضيلةٍ تُعقَدُ بلِمّتِك، وتنتسبُ إلى شرَفِ همّتِك، وتثقُ في معرِض الابتياع بوفورِ ذمّتِك، وما أخبَرْتُ إلّا عن ما أعطَى الاختبارُ حقيقتَه، وأبرَزَ شقيقتَه، وحَسْبي وقد وَضَعْتُ عنك إصْرًا من آصاري، وأقمتُ بك عَمَدَ استظهاري، وجعلتُكَ في حاجةِ النفْس مركَزَ مَداري، فألفَيْتُك حيث ألقَى الأملَ بجِرَانِه، وقد سَرَى عاكفُ لحظِه وواقفُ إنسانِه، سميعًا للنِّداء، سَمْحًا بصفةِ الابتداء، فاستوجَبْتَ الشكَّ حقًّا مكتوبًا، واقتضيْتَه أنواعًا وضُروبًا، وشَغَلتَ به الأوقاتَ لُزومًا ودُؤوبًا، والسلامُ الأتمّ يخُصُّكم ورحمةُ الله وبَركاتُه.


(١) انظر برنامج شيوخ الرعيني: ٥٢ - ٥٣.
(٢) في م ط: "خطب"، وهو خطأ واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>