للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقدهم (١)، قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إِن لقوله لحلاوة، وإِن أصله لعذْق (٢)، وإِن فرعه لجَناه (٣)!

قال ابن هشام: ويقال لغَدق، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عُرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرّقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون بسبُل الناس (٤) حين قدموا الموسم، لا يمرّ بهم أحد إلا حذّروه إيّاه، وذكروا لهِم أمره، فأنزل الله تعالى في الوليد بنِ المغيرة، وفي ذلك من قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦)} (المدثر).

وروى الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الوليد بن المغيرة جاء إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه، فقال: يا عم، إِن قومك يرون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لم؟ قال: ليعطوكه، فإِنك أتيت محمداً لتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له، وأنك كاره له، قال: وماذا أقول؟


(١) إشارة إلى ما كان بفعل الساحر من أن يعقد خيطاً، ثم ينفث عليه، ومنه قوله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقدِ (٤)} (الفلق).
(٢) العذق: الكثير الشعب والأطراف في الأرض، ومن رواه بالغين المعجمة والدال المهملة فمعناه كثير الماء!
(٣) أي فيه تمر يجنى.
(٤) أي طرقهم، واحدها: سبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>