فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا!
ووالله، إِن لقوله الذي يقول حلاوة، وإِن عليه لطلاوة، وإِنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإِنه ليعلو وما يُعلى عليه، وإِنه ليحطم ما تحته!
قال: والله لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعنِي أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنزلت: {ذَرْنِي وَمنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١)} (المدثر).
وقد أخرج هذا عبد الرزاق عن عكرمة مرسلاً، وابن جرير، وابن إسحاق وابن المنذر وغير واحد (١). هذا، وقصد الوليد بن المغيرة باستماعه للقرآن الكريم، وقوله فيه لأول ما قرعت آياته قلبه وعقله ما قال من مدح وثناء، ثم إنكاره كذباً بعد ما فكر في دنياه ومكانته من قومه، وتعبير أبي جهل له قصة تحتمل التكرار، وأنها وقعت له أكثر من مرّة، وهذا هو الأظهر والأدرب إلى التوفيق بين روايات القصة، ولا سيما أنها روايات تختلف اختلافاً جوهرياً في تسمية من سمع منه الوليد القرآن!
وتكرار قصة سماع الوليد للقرآن يشبه أن يكون أمراً طبيعيًّا، وخصوصاً، أن الوليد في عتوّ كفره وجحوده ومكانته الراسية من الماديّة الوثنيّة لا يتعجل الحكم، ولابدّ له من تكرار السماع وتعدّد مصادره، لينظر مقدار الاختلاف والتوافق بين هذه المصادر في أسلوب ما يسمع وحقائقه ومعانيه ومقاصده، فلما