للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم! إِن كان أمر الراهب أحبّ إِليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابّة، حتى يمضي الناس فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أيْ بُنَيَّ! أنت اليوم أفضلُ منّي، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإِنك سَتُبْتَلَى، فإِن ابتليت فلا تدلّ عليّ، وكان الغلام يبرئ الأكمه (١) والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدْواء، فسمع جليسٌ للملك كان قد عَمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع، إِن أنت شفيتني، فقال: إِنّي لا أشفي أحداً، إِنما يَشْفي الله، فإِن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله، فشفاه الله، فأتى الملِكَ فجلس إِليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من ردّ عليك بصرَك؟ قال: ربّي، قال: ولك ربٌّ غيْري؟ قال: ربّي وربّك الله، فأخذه فلم يزَل يُعذِّبُه حتى دلّ على الغلام!

فجيء بالغلام، فقال له الملك: أيْ بنيِّ! قد بلغ من سحرِك ما تبرئ الأكْمه والأبرص، وتفعل ما تفعل، فقال: إِنّي لا أشفي أحدًا، إِنما يشفي الله، فأخذه فلم يزلْ يعذبُه حتى دلّ على الراهب!

فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبَى، فدعا بالمنشار (٢)، فوضع المنشار في مَفرقِ رأسه، فشقّه حتى وقع شقّاه!

ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إِلى نفرٍ من أصحابه، فقال: اذهوا به إِلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإِذا


(١) الأكمه: الذي خلق أعمى!
(٢) المنشار: مهموز، ويجوز تخفيف الهمزة بقلبها ياء، وروي: المنشار، بالنون!

<<  <  ج: ص:  >  >>