وهنا نبصر توجيه القرآن إلى الجماعة المسلمة، يحدثّها عن القيم التي ينبغي أن تحرص عليها، وتضحي من أجلها، ويحدثها عن أشواك الطريق ومتاعبها وآلامها، ويهيب بها إلى الصبر والتقوى والعزم والاحتمال!
إنه لا بدّ من استقرار هذه الحقيقة في النفس: حقيقة أن الحياة في هذه الأرض موقوتة، محدودة بأجل، ثم تأتي نهايتها حتماً .. يموت الصالحون، ويموت الطالحون .. يموت المجاهدون، ويموت القاعدون .. يموت المستعلون بالعقيدة، ويموت المستذلون للعبيد .. يموت الشجعان الذين يأبون الضيم، ويموت الجبناء الحريصون على الحياة بأي ثمن .. لموت ذوو الاهتمامات الكبيرة والأهداف العالية، ويموت التافهون الذين يعيشون فقط للمتاع الرخيص!
الكل يموت .. {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}! كل نفس تذوق هذه الجريمة، وتفارق هذه الحياة، وهنا نذكر ما رواه أحمد وغيره بسند صحيح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِن الميّت تحضره الملائكة، فإِذا كان الرجل الصالح،
(١) مسلم (٢٨٢٣)، والبخاري (٦٤٨٧) بلفظ "حُجبت النار بالشهوات، وحُجبت الجنّة بالمكاره"، وابن المبارك: الزهد (٦٥٠، ٩٢٥)، والقضاعي: الشهاب (٥٦٧)، وأحمد: ٢: ٢٦٠، ٣٨٠، وأبو داود (٤٧٤٤)، والترمذي (٢٥٦٠) من حديث طويل، والنسائي: ٧: ٣، والبغوي: شرح السنة (٤١١٥)، وابن حبان (٧١٩).