للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين القاعدة الأولى في دين الله -وهي ردّ الحاكميّة كلها لله- وأطماع المجرمين في القرى، بل بين وجودهم أصلاً!

معركة لا مفرّ للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يخوضها، فهو لا يملك أن يتّقيها، ولا مفرّ للمؤمنين بالنبيّ أن يخوضوها، وأن يمضوا إلى النهاية فيها .. والله سبحانه يطمئن أولياءه .. إن كيد أكابر المجرمين -مهما ضخم واستطال- لا يحيق إلا بهم في نهاية المطاف .. إن المؤمنين لا يخوضون المعركة وحدهم فالله وليّهم فيها، وهو حسبهم، وهو يردّ على الكائدين كيدهم: {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (١٢٣)} فليطمئن المؤمنون!

ويطالعنا قوله عزَّ وجلَّ:

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (٣١)} (الفرقان)!

ولله الحكمة البالغة (١) فإن بروز المجرمين لحرب الأنبياء والدعوات يقوّي عودها، ويطبعها بطابع الجدّ الذي يناسب طبيعتها .. وكفاح أصحاب الدعوات للمجرمين الذين يتصدّون لها -مهما كلّفهم من مشقة، ومن تعويق- هو الذي يميّز الدعوات الحقّة من الدعوات الزائفة .. وهو الذي يمحص القائمين عليها، ويطرد الزائفين منهم، فلا يبقى بجوارها إلا العناصر المؤمنة القويّة المتجرّدة، التي لا تبتغي مغانم قريبة، ولا تريد إلا الدعوة خالصة، تبتغي بها وجه الله تعالى!


(١) السابق: ٥: ٢٥٦١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>