على الدعة والسعة، ثم لا يصابون بالحرص الذي يذلّ أعناق الرجال. وبالاسترخاء الذي يقعد الهمم ويكبت الأرواح!
إن الابتلاء بالشدة قد يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة، ويجنّد الأعصاب، فتكون القوى كلها معبّأة لاستقبال الشدّة والصمود لها، أما الرّخاء فيوخي الأعصاب ويُنيمُها ويفقدها القدرة على اليقظة والمقاومة!
لذلك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدّة بنجاح، حتى إذا جاءهم الرخاء سقطوا في الابتلاء! وذلك شأن البشر، إلا من عصم الله فكانوا ممن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم وغيره عن صهيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عجباً لأمر المؤمن، إِن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إِلا للمؤمن إِن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإِن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيراً له". (١)
واليقظة للنفس في الابتلاء بالخير أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشرّ .. والصلة بالله في الحالية هي وحدها الضمان!
يروي الشيخان وغيرهما عن عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف -هو حليف لبني عامر بن لؤي، كان قد شهد بدراً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجرّاح إِلى البحرين، يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صالح أهل البحرين، وأمّر عليهم العلاء بن الحضْرميّ، فقدم أبو عبيدة بمال من البَحْرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا